
كشف المبعوث الأميركي إلى سوريا، توماس باراك، عن انطلاق الحوار بين دمشق وإسرائيل، مؤكداً في الوقت ذاته على ضرورة إحداث تحول جذري في الموقف اللبناني.
جاء ذلك في مؤتمر صحفي عقده في بيروت، اليوم الإثنين، عقب اجتماعه بالرئيس اللبناني وعدد من المسؤولين، حيث تناول اللقاء مسألة نزع سلاح “حزب الله” وسبل فتح قنوات حوار مع إسرائيل.
ووصف باراك لقاءاته مع المسؤولين اللبنانيين بأنها “مهمة وناجحة بشكل مذهل”، مشيراً إلى رضاه عن ردّ لبنان على مطالب الولايات المتحدة بشأن نزع سلاح “حزب الله”، واعتبر أن الرد اللبناني جاء “ضمن النطاق” الذي تسعى واشنطن لتحقيقه.
وشدد باراك على أن “الدولة اللبنانية هي الجهة المخوّلة بالتعامل مع “حزب الله” كونه حزباً سياسياً”، مضيفاً أن الحزب بحاجة إلى أن يشعر بأن له “مستقبلاً في النظام اللبناني”.
وفيما يتعلق بالتوترات القائمة على الحدود الجنوبية، أكد المبعوث الأميركي أن إسرائيل، رغم الخروقات المتكررة لوقف إطلاق النار، “ترغب في تحقيق السلام مع لبنان”، لافتاً إلى أن بلاده تعمل على بلورة خطة شاملة لمستقبل لبنان في ظل انعدام الثقة بين إسرائيل و”حزب الله”.
عرض أميركي مقابل الانسحاب الإسرائيلي من لبنان
وقدّم باراك خلال زيارته السابقة إلى بيروت في 19 حزيران خطةً تقضي بنزع سلاح “حزب الله” خلال فترة أقصاها أربعة أشهر، مقابل انسحاب القوات الإسرائيلية من عدة مواقع في جنوبي لبنان، ووقف الغارات الإسرائيلية، بحسب وكالة رويترز.
وأفادت مصادر دبلوماسية بأن لبنان شكّل لجنة لصياغة رد على المقترحات الأميركية، في حين جرى الاتفاق على أن يقدّم “حزب الله” ملاحظاته إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي يتولى تنسيق الرد اللبناني الرسمي، بالتزامن مع زيارة باراك إلى بيروت اليوم.
المفاوضات السورية الإسرائيلية
وشهدت الأسابيع الماضية تصاعداً لافتاً في التقارير التي تتحدث عن اتصالات مباشرة بين سوريا وإسرائيل، والتي خرجت من دائرة التسريبات إلى التصريحات شبه الرسمية، خصوصاً بعد أن أعلن رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، تساحي هنغبي، عن إشرافه الشخصي على حوار سياسي وأمني مباشر مع الحكومة السورية.
وفي وقت سابق، نقلت قناة “i24NEWS” عن مصادر سورية “مطلعة”، أن الجانبين بصدد توقيع اتفاق سلام قبل نهاية عام 2025، يتضمن انسحاباً تدريجياً من الأراضي التي احتلتها إسرائيل بعد التوغل في المنطقة العازلة، في 8 كانون الأول 2024، بما في ذلك قمة جبل الشيخ، إحدى أهم النقاط الاستراتيجية في الجولان.
“لا اتفاق سلام من دون انسحاب من الجولان”
وقبل أيام، استبعد مسؤولون إسرائيليون موافقة الرئيس السوري أحمد الشرع على توقيع اتفاق سلام مع تل أبيب من دون انسحاب كامل من هضبة الجولان المحتلة، معتبرين أن مطالب دمشق المتعلقة بالانسحاب لا تزال تمثّل عقبة رئيسية أمام التوصل إلى تفاهم نهائي بين الجانبين.
كما نقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية عن مسؤولين بارزين أن المحادثات الجارية حالياً تتركز على التوصل إلى اتفاق أمني وليس معاهدة سلام، ويجري بحثها بوساطة إقليمية ودولية، وسط انخراط غير معلن من الولايات المتحدة التي تتابع سير التفاوض وتشارك عبر قنوات خلفية.
سوريا تتمسّك باتفاق 1974 واستبعاد التوصل إلى اتفاق سلام
في السياق ذاته، نقلت صحيفة “الشرق الأوسط” عن مصادر في دمشق، وصفتها بأنها قريبة من الحكومة السورية، سوريا تطالب بوقف الاعتداءات الإسرائيلية داخل الأراضي السورية والعودة إلى اتفاق فصل القوات لعام 1974، في حين تسعى إسرائيل إلى إنشاء منطقة عازلة. ورجّحت المصادر أن يتم التوصل إلى اتفاقية أمنية جديدة تمهّد لاتفاق سلام شامل في المستقبل.
كما أكدت تلك المصادر أن سوريا، بوصفها دولة “وليدة”، غير مهيأة في الوقت الراهن لتوقيع اتفاق سلام دائم، مشيرة إلى أن الخيار الواقعي يتمثل في اتفاق أمني معدل أو العودة إلى اتفاق عام 1974، في ظل استمرار الرفض الشعبي، وإن كان بدرجة أقل وضوحاً، إلى جانب التحديات الداخلية المعقدة، ووجود تيارات متطرفة وفصائل مسلحة خارج سلطة الدولة تعارض مبدأ السلام مع إسرائيل.