
دعت منظمة “هيومن رايتس ووتش” الحكومة السورية لإنشاء هيئة ومركز وطني لإدارة شؤون الألغام بقيادة مدنية، مؤكدة على ضرورة ضمان تمويل أنشطة إزالة الألغام بشكل كافٍ، وتقديم تعويضات كافية للضحايا.
وأكدت المنظمة أن الألغام الأرضية ومخلفات الحرب المتفجرة “تشكل عائقاً رئيسياً أمام العودة الآمنة وجهود إعادة الإعمار”، محذّرة من أن “التلوث الواسع النطاق الناجم عن الألغام الأرضية ومخلفات الحرب من المتفجرات في جميع أنحاء سوريا يشكل مخاطر قاتلة على المدنيين العائدين إلى ديارهم في المناطق الحضرية والريفية”.
وقال الباحث في الأزمات والنزاعات والأسلحة في المنظمة الحقوقية، ريتشارد وير، إنه “من دون جهود تطهير عاجلة على مستوى البلاد، سيُصاب ويُقتل المزيد من المدنيين العائدين إلى ديارهم لاستعادة حقوقهم الأساسية وحياتهم وسبل عيشهم وأراضيهم”.
وطالبت المنظمة الحكومة السورية والجهات المانحة الدولية بإعطاء الأولوية للمسح والتطهير والتوعية بالمخاطر، داعية الحكومة السورية إلى أن تُنشئ على وجه السرعة هيئة ومركزاً وطنياً لإدارة شؤون الألغام بقيادة مدنية، ووضع معايير، ومراجعة اتفاقيات التسجيل الحالية للمنظمات الإنسانية المعنية بمكافحة الألغام لتسهيل عملها المنقذ للحياة.
كما دعت “رايتس ووتش” الحكومة السورية والجهات المانحة إلى ضمان تمويل أنشطة إزالة الألغام بشكل كافٍ وتقديم تعويضات كافية للضحايا.
الحاجة إلى العمل
وقالت المنظمة إن “هناك حاجة ملحة لاتخاذ خطوات عاجلة لتحسين العمل الإنساني في مجال مكافحة الألغام، والذي يشمل إزالة الألغام الأرضية ومخلفات الحرب من المتفجرات، وأنشطة أخرى، مثل مسح المناطق ومساعدة الضحايا”، مشيرة إلى عدة عوامل تعيق فعالية العمل الإنساني في مجال مكافحة الألغام، منها غياب التنسيق الشامل ومركزية المعلومات.
وأوضحت “رايتس ووتش” أن “تجزئة هياكل الحوكمة لسنوات، واتساع نطاق التلوث، وعدم وجود هيئة ومركز وطنيين لمكافحة الألغام إلى تفاقم المشكلة، كما أن هناك متطلبات معقدة للتسجيل والتشغيل، بعضها لا يتوافق مع قدرة المنظمات على أداء عملها بنزاهة”.
وأشارت إلى أن مكافحة الألغام في سوريا “عانت لسنوات من نقص التمويل من الجهات المانحة مقارنةً بالاحتياجات، مما أحبط الجهود المبذولة لبدء برامج جديدة أو مواصلة العمل الأساسي، مثل التوعية بمخاطر الألغام”.
وأضافت المنظمة الحقوقية أنه “بسبب هذه القيود، غالباً ما تُنفذ عمليات التطهير من قِبل مجموعات أو أفراد محليين أو خاصين، دون تدريب رسمي يُذكر أو تنسيق مع الجهات الوطنية أو الدولية لإزالة الألغام”.
وفي ضوء ذلك، قدمت “هيومن رايتس ووتش” توصيات إلى الحكومة السورية والمجتمع الدولي، وهي:
توصيات للحكومة السورية
- إنشاء وتمكين مؤسسات وطنية مدنية مستقلة لمكافحة الألغام، بما في ذلك هيئة وطنية لمكافحة الألغام تُعنى بالتوجيه الاستراتيجي العام لأعمال مكافحة الألغام وربط الوزارات المعنية.
- إنشاء مركز وطني لمكافحة الألغام يُساعد في تنسيق الجوانب التشغيلية لإزالة الألغام، بما في ذلك توحيد التنفيذ وفقاً للمعايير الدولية لمكافحة الألغام، وتحديد أولويات الاستجابة، والاعتماد، وضمان الجودة، وتوزيع المهام، وإدارة المعلومات، وينبغي للأمم المتحدة دعم السلطات في تطوير هذه المؤسسات.
- مركزية وتوحيد جمع البيانات وتبادلها بين الوكالات والمؤسسات الحكومية الحالية والسابقة، من خلال نظام إدارة المعلومات لمكافحة الألغام.
- إعطاء الأولوية لجهود التطهير وضمان التمويل الكافي لجميع جوانب العمل الإنساني المتعلق بالألغام، والمسوحات الفنية وغير الفنية، والتوعية بالمخاطر، وتدريب المتخصصين الإضافيين، ومساعدة الضحايا.
- ضمان أن تتبع المعايير المعتمدة لإزالة الألغام ومساعدة الضحايا نهجاً متكاملاً يتضمن أدواراً ومسؤوليات محددة بوضوح استناداً إلى أحدث المعايير الدولية.
- إزالة العوائق الإدارية التي تعيق تسجيل الجهات الفاعلة في مجال إزالة الألغام في سوريا.
- تسهيل دخول المتخصصين المشاركين في إزالة الألغام إلى سوريا وانتقالهم داخلها، فضلاً عن استخدام المعدات والمواد اللازمة لإزالة الألغام والاحتفاظ بها.
- إنشاء ونشر نظام على مستوى البلاد للإبلاغ بشكل مجهول عن التلوث بالمتفجرات وامتلاك الأسلحة.
- زيادة أنشطة التوعية بالمخاطر وجعلها جزءا لا يتجزأ من العودة الآمنة للمدنيين إلى المناطق السكنية والأراضي الزراعية المشتبه في تلوثها.
- تمكين إنشاء قاعدة بيانات على مستوى البلاد للناجين من الألغام الأرضية ومخلفات الحرب من المتفجرات والأشخاص ذوي الإعاقة، وإزالة العوائق أمام رسم الخرائط للخدمات على مستوى البلاد، من أجل تحسين فرص الحصول على الرعاية المتخصصة وإعادة التأهيل البدني والدعم النفسي والاجتماعي وخدمات الحماية الشاملة.
- إجراء تحقيقات شفافة في الانتهاكات المحتملة لقوانين الحرب من جانب الجماعات المسلحة المسؤولة عن استخدام الألغام الأرضية المضادة للأفراد، بما في ذلك العبوات الناسفة المرتجلة التي يتم تنشيطها بواسطة الضحايا.
- الانضمام إلى معاهدة حظر الألغام لعام 1997 والالتزام بالحظر الشامل للألغام الأرضية المضادة للأفراد، فضلاً عن تدمير المخزونات المتبقية منها.
- الانضمام إلى اتفاقية الذخائر العنقودية لعام 2008 والالتزام بالحظر الشامل للذخائر العنقودية، فضلاً عن تدمير المخزونات المتبقية منها.
توصيات للمانحين الدوليين والحكومات الأخرى
- إعطاء الأولوية لأنشطة إزالة الألغام وزيادة الدعم لها، والتوعية بالمخاطر لحماية الناس من الوفيات والإصابات التي يمكن تجنبها، وبرامج مساعدة الناجين.
- تعزيز الدعم لمنطقة مسؤولية مكافحة الألغام في نظام مجموعة الحماية التابع للأمم المتحدة لتعزيز التنسيق بين الوكالات الحكومية والجهات الفاعلة الإنسانية.
- دعم إدارة المعلومات لجمع البيانات ومشاركتها بشكل مركزي.
- حث سوريا على الانضمام إلى معاهدة حظر الألغام واتفاقية الذخائر العنقودية.
- تمكين المنظمات غير الحكومية الوطنية والدولية من الوصول إلى التمويل المرن المتعدد السنوات لمعالجة الطبيعة الطويلة الأمد للإجراءات المتعلقة بالألغام.
- ضمان الاستثمار المستدام في برامج مساعدة الضحايا، بما في ذلك الوصول إلى إعادة التأهيل البدني، والصحة العقلية والدعم النفسي والاجتماعي، والخدمات التعويضية والتقويمية، فضلاً عن التعليم، والإدماج الاجتماعي، وفرص كسب العيش.