
أعلنت وزارة الخزانة الأميركية عن إصدار “الترخيص العام رقم 25″، الذي يسمح بتنفيذ بعض المعاملات المحظورة سابقا بموجب العقوبات المفروضة على سوريا، بشرط عدم شمولها لأشخاص أو كيانات غير مدرجة في الملحق المرفق بالترخيص.
أوضح مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC) في بيان صدر بتاريخ 23 أيار 2025 أن الترخيص يتيح تنفيذ المعاملات المحظورة بموجب لوائح العقوبات على سوريا وأيضًا تلك المرتبطة بعقوبات أسلحة الدمار الشامل والعقوبات المالية على إيران والعقوبات المتعلقة بالإرهاب، بشرط أن تكون تلك المعاملات مع جهات محددة مذكورة في الملحق المرفق.
شمل الترخيص المعاملات مع “حكومة سوريا” كما هي معرفة في اللوائح الأميركية، وتشمل رئيس سوريا أحمد الشرع وحكومته، إضافة إلى قائمة تضم عشرات الكيانات أبرزها: المصرف المركزي السوري، المصرف التجاري السوري، الشركة السورية للنفط، المؤسسة العامة للنفط، وزارة السياحة، وزارة النفط والثروة المعدنية، وشركة فور سيزن دمشق.
استثنى الترخيص أي معاملات مع أفراد أو جهات مدرجة على قائمة “المواطنين المعينين خصيصا” (SDN) التي لم ترد في الملحق، إضافة إلى المعاملات المتعلقة بالحكومات الإيرانية أو الروسية أو الكورية الشمالية، أو تلك التي تشمل توريد بضائع أو تمويل لتلك الدول.
وأكد مكتب OFAC أن الترخيص لا يعفي من الالتزام بالقوانين الفدرالية الأخرى، منها لوائح الاتجار الدولي بالأسلحة ولوائح إدارة التصدير الأميركية.
ويأتي هذا القرار في إطار مراجعة أميركية لبعض أدوات العقوبات، من دون أن يشمل ذلك رفع التجميد عن الأصول أو الممتلكات المحظورة حتى تاريخ 22 أيار 2025.
إعفاء من عقوبات قيصر لـ 180 يوما
وقالت وزارة الخزانة في بيان إن الترخيص العام “يجيز المعاملات المحظورة بموجب لوائح العقوبات السورية، مما يرفع العقوبات المفروضة على سوريا بشكل فعال”.
وأضاف البيان “سيتيح الترخيص العام استثمارات جديدة ونشاطات جديدة للقطاع الخاص بما يتوافق مع استراتيجية الرئيس “أميركا أولا”.
وقال وزير الخارجية ماركو روبيو في بيان إنه أصدر إعفاء لمدة 180 يوما من العقوبات المفروضة على سوريا بموجب قانون قيصر لضمان عدم إعاقة العقوبات للاستثمارات وتسهيل توفير الكهرباء والطاقة والمياه والرعاية الصحية وجهود الإغاثة الإنسانية.
وأضاف روبيو “تحركات اليوم تمثل الخطوة الأولى في تحقيق رؤية الرئيس لعلاقة جديدة بين سوريا والولايات المتحدة”، وقال إن ترمب أوضح أنه يتوقع أن يعقب تخفيف العقوبات تحرك من جانب الحكومة السورية.
الشيباني: نعد شعبنا بمزيد من النجاحات
رحّبت وزارة الخارجية السورية بالقرار الصادر عن وزارة الخزانة الأميركية بشأن إصدار إعفاء شامل وفوري من العقوبات المفروضة على سوريا، في حين وعد وزير الخارجية، أسعد الشيباني، الشعب السوري بمزيد من النجاحات، في الأشهر المقبلة.
وفي بيان لها، اعتبرت الخارجية السورية القرار الأميركي “خطوة إيجابية في الاتجاه الصحيح، للتخفيف من المعاناة الإنسانية والاقتصادية في سوريا”.
وأكدت أن سوريا “تمد يدها لكل من يرغب في التعاون على أساس الاحترام المتبادل، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وتؤمن بأن الحوار والدبلوماسية هما السبيل الأمثل لبناء علاقات متوازنة، تحقق مصالح الشعوب، وتعزز الأمن والاستقرار في المنطقة”.
وأعربت الخارجية السورية عن تقديرها لجميع الدول والمؤسسات والشعوب التي وقفت إلى جانبها، مؤكدة أن المرحلة المقبلة “ستكون مرحلة إعادة بناء ما دمره النظام البائد، واستعادة مكانة سوريا الطبيعية في الإقليم والعالم”.
وقال وزير الخارجية أسعد الشيباني على إكس “نعد شعبنا بمزيد من النجاحات في الأشهر المقبلة، استكمالاً للقرارات المتتالية برفع العقوبات الأميركية والأوروبية عن سوريا. تستحق سوريا وشعبها مكانة عظيمة، وبلدا مزدهرا، وتمثيلا يليق بها على الساحة الدولية”.
اختبار انفتاح سياسي مشروط
يعد الترخيص جزءا من انفتاح أميركي لقياس تجاوب الإدارة السورية الجديدة مع بعض المسارات السياسية أو التفاهمات الإقليمية، وكان وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو أشار إلى أن الرئيس الأميركي يتوقع من الحكومة السورية اتخاذ “إجراءات سريعة بشأن مجالات سياسية ذات أولوية مهمة”، رداً على رفع العقوبات.
وقال البيت الأبيض بعد لقاء ترمب مع الشرع قبل أيام إن الرئيس طلب من سوريا الالتزام بعدة شروط مقابل رفع العقوبات، بما في ذلك مطالبة جميع المسلحين الأجانب بمغادرة سوريا وترحيل من وصفهم “بالإرهابيين” الفلسطينيين ومساعدة الولايات المتحدة في منع عودة ظهور تنظيم الدولة.
اللوائح المتعلقة بالعقوبات على سوريا التي رفعتها وزارة الخزانة الأميركية مكتب مراقبة الأصول الأجنبية OFAC وفق الرخصة 25:
اللوائح الخاصة بعقوبات أسلحة الدمار الشامل – الجزء 544 من قانون اللوائح الفيدرالية (CFR)
•اللوائح الخاصة بالعقوبات المالية على إيران – الجزء 561
•اللوائح الخاصة بالعقوبات على الإرهاب العالمي – الجزء 594
•اللوائح الخاصة بالمنظمات الإرهابية الأجنبية – الجزء 597
•الأمر التنفيذي 13574 الصادر في 23 أيار 2011: تفويض تنفيذ بعض العقوبات المنصوص عليها في قانون العقوبات على إيران لعام 1996 وتعديلاته
الترخيص العام رقم 25
السماح بتنفيذ معاملات محظورة بموجب لوائح العقوبات السورية أو معاملات تشمل بعض الأشخاص المجمدين
(أ) باستثناء ما ورد في الفقرة (ج)، يسمح بتنفيذ جميع المعاملات المحظورة بموجب لوائح العقوبات على سوريا (SySR) – الجزء 542، ما عدا المعاملات التي تشمل أشخاصًا مجمدين.
(ب) كذلك، باستثناء ما ورد في الفقرة (ج)، يسمح بتنفيذ المعاملات المحظورة بموجب اللوائح التالية:
•عقوبات أسلحة الدمار الشامل – 544
•العقوبات المالية على إيران – 561
•عقوبات الإرهاب العالمي – 594
•عقوبات المنظمات الإرهابية الأجنبية – 597
•الأمر التنفيذي 13574
إذا كانت تشمل الأشخاص المجمدين التالية أسماؤهم:
1.حكومة سوريا” كما يعرفها البند 542.308، كما كانت قائمة في أو بعد 13 أيار 2025.
2.أي شخص مجمد مذكور في الملحق المرفق مع هذا الترخيص.
3.أي كيان يمتلك فيه شخص أو أكثر من الأشخاص المجمدين في الملحق ما لا يقل عن 50% من الحصة، مباشرة أو غير مباشرة
ملاحظة للفقرة (ب-1): تشمل “حكومة سوريا” الرئيس السوري أحمد الشرع وحكومته.
لا يشمل الترخيص العام:
1.أي معاملات مع أفراد أو كيانات مدرجة على قائمة “المواطنين المعينين خصيصًا” (SDN) ما لم ترد أسماؤهم في الملحق، أو الكيانات التي يمتلكون فيها 50% أو أكثر.
2.رفع التجميد عن أي ممتلكات محظورة بموجب أي جزء من الفصل الخامس من قانون اللوائح الفدرالية كما في 22 أيار 2025.
3.أي معاملات لصالح أو نيابة عن:
حكومة روسيا
حكومة إيران
حكومة كوريا الشمالية
أو تلك المتعلقة بنقل/تقديم بضائع، تكنولوجيا، برامج، أموال، تمويل أو خدمات لإيران، روسيا، أو كوريا الشمالية.
لا يعفي هذا الترخيص أي طرف من الالتزام بالقوانين الفدرالية الأخرى، مثل:
•لوائح الاتجار الدولي بالأسلحة (ITAR) من وزارة الخارجية.
•لوائح إدارة التصدير (EAR) من وزارة التجارة.
الملحق – الأشخاص المجمدون المشمولون في الفقرة (ب-2):
الخطوط الجوية العربية السورية
•شركة سيترول
•أبو محمد الجولاني
•أنس حسن خطاب
•المصرف التجاري السوري
•مصرف سوريا المركزي
•المؤسسة العامة للنفط
•الشركة السورية لنقل النفط
•الشركة السورية للغاز
•الشركة السورية للنفط
المصرف العقاري
•الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون
•شركة مصفاة بانياس
•شركة مصفاة حمص
•المصرف الزراعي التعاوني
•المصرف الصناعي
•مصرف التسليف الشعبي
•مصرف الادخار
•المديرية العامة للموانئ السورية
•الشركة العامة لمرفأ اللاذقية
غرفة الشحن السورية
•الهيئة العامة السورية للنقل البحري
•شركة الوكالات الملاحية السورية
•الشركة العامة لمرفأ طرطوس
•المؤسسة العامة لتكرير وتوزيع المشتقات النفطية
•وزارة النفط والثروة المعدنية السورية
•وزارة السياحة السورية
• فندق فور سيزن دمشق
ماذا يعني القرار؟
الترخيص العام رقم 25 لا يمثل رفعًا كاملًا للعقوبات الأميركية على سوريا، لكنه يسمح بتمرير بعض المعاملات التي كانت محظورة في السابق، شريطة أن تكون مع جهات محددة وردت في الملحق المرفق. بعبارة أخرى، القرار يفتح الباب لتعاملات مالية وتجارية محددة مع مؤسسات وشركات حكومية، مثل الوزارات، والمصارف.
وشرح الباحث والخبير الاقتصادي كرم شعار إيجابيات ومعنى القرار الأميركي في بث على صفحته في فيس بوك، موضحا أن القرار يعد جسرا للرفع النهائي وخرقا للعقوبات المرتبطة بالأوامر التنفيذية، وللقوانين التي فرضت من خلالها العقوبات على سوريا. لافتا أن رفع القوانين مايزال بحاجة لتصويت من الكونغرس الأميركي.
اعتبر الخبير الاقتصادي كرم شعار أن إصدار الرخصة العامة رقم 25 من قبل مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC) التابع لوزارة الخزانة الأميركية، إلى جانب تعليق جزئي لعقوبات قانون قيصر لمدة 180 يوماً، يمثل خطوة مهمة في إطار الوعد الذي أطلقه الرئيس الأميركي دونالد ترمب برفع العقوبات عن سوريا، لكنه في الوقت ذاته حذر من المبالغة في تقدير أثر هذه الخطوة، نظراً لوجود عدد من المحددات القانونية والسياسية التي تجعل الطريق نحو رفع العقوبات كاملاً ما زال طويلاً.
الرخصة العامة: ذراع تنفيذي لا يشمل باقي الأجهزة الأميركية
يُوضّح شعار أن الرخصة العامة لا تصدر من الكونغرس ولا تشمل العقوبات المفروضة من أجهزة حكومية أخرى. فمثلاً، العقوبات على الصادرات الأميركية إلى سوريا تُدار من وزارة التجارة الأميركية، وهذه غير مشمولة إطلاقاً بالرخصة رقم 25. وبالتالي، أي شركة أميركية ترغب في تصدير معدات أو مواد إلى سوريا ما زالت بحاجة إلى الحصول على ترخيص منفصل، واحتمالات الموافقة عليه لا تزال منخفضة.
القوانين الأميركية الثلاثة التي ما تزال سارية:
أكّد شعار أن هناك ثلاثة قوانين رئيسية تشكّل الإطار القانوني للعقوبات الأميركية على سوريا، وهي:
1. قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين (2019)
2. قانون محاسبة سوريا واستعادة السيادة اللبنانية (2003)
3. قانون تصنيف سوريا كدولة راعية للإرهاب (1979)
وأشار إلى أن الرئيس الأميركي يملك صلاحية تعليق بعض آثار هذه القوانين (كما حدث مع قيصر)، ولكن لا يمكنه إلغاؤها من دون تمرير تشريع جديد في الكونغرس، وهو أمر يحتاج إلى توافق سياسي قد لا يكون متاحاً حالياً.
جوانب إيجابية واعدة لكنها مشروطة
أبرز الخبير الاقتصادي عدة جوانب إيجابية في الرخصة العامة رقم 25، من أهمها سرعة إصدارها وتفعيلها مقارنة بمسارات تشريعية معقدة، وهو ما يمنحها مرونة تنفيذية عالية، رغم قابليتها للسحب بنفس السرعة. واعتبر أن اللغة المستخدمة في الإعلان الأميركي تعكس توجهاً سياسياً واضحاً نحو تخفيف العقوبات تدريجياً، بما يتماشى مع وعود الرئيس ترمب. كما أشار إلى أن الأثر الإيجابي الأكبر للرخصة سيكون خارج الولايات المتحدة، لا سيما في دول الخليج وأوروبا، التي قد تجد في الرخصة فرصة قانونية للتحرك نحو السوق السورية. ورأى أن الرخصة، رغم محدوديتها، تُشكل اختراقاً في جدار العقوبات التنفيذية، وقد تُستخدم كجسر مؤقت نحو رفع أوسع، في حال استمر التوجه السياسي الأميركي في هذا الاتجاه.
التأثير الإقليمي للرخصة.. أكثر من الأميركي
لفت شعار إلى أن الأثر الأكبر لهذه الرخصة لن يظهر داخل الولايات المتحدة، بل في الدول الأخرى، وخاصة دول الخليج والدول الأوروبية. فهذه الدول – التي كانت مترددة في الدخول إلى سوريا – قد ترى في الرخصة مؤشراً على تغير المناخ الدولي تجاه النظام في دمشق، وبالتالي تتشجع على الانخراط في الاستثمار أو مشاريع إعادة الإعمار.
وأضاف أن الولايات المتحدة لا يُتوقع أن تدخل بشكل مباشر في مشاريع إعادة الإعمار في سوريا، ولكنها قادرة من خلال هذه الرخصة على خلق مناخ أكثر مرونة للدول الحليفة التي تفكر بالدخول إلى السوق السورية.
أشار شعار إلى أن مدة الرخصة قصيرة نسبياً (180 يوماً)، مما يُضعف ثقة المستثمرين الذين يبحثون عن استقرار قانوني قبل ضخ رؤوس أموالهم. وأوضح أن مشاريع الاستثمار تتطلب أفقاً واضحاً يمتد لسنوات، وليس شهوراً، لذا فإن تأثير الرخصة سيكون جزئياً إلى حين صدور قرارات أكثر ثباتاً.
رفع العقوبات عن الكيانات هل يشمل الأفراد؟
تحدث شعار عن وجود سوء فهم شائع لدى بعضهم، وهو أن حل الكيان المصنف إرهابياً يعني تلقائياً رفع العقوبات عن الأفراد المرتبطين به. وأكد أن هذا غير صحيح، وضرب مثالاً بـ”كتائب عبد الله عزام”، التي حُلّت منذ سنوات لكن أفرادها لا يزالون تحت العقوبات حتى اليوم. وبالتالي، فإن الأفراد المرتبطين بهيئات مثل هيئة تحرير الشام أو الجهات المرتبطة بالنظام، لا يزالون عرضة للعقوبات الشخصية حتى لو أُلغيت كياناتهم.
الرخصة لا تشمل رفع التجميد عن الأصول
بيّن شعار أن الرخصة لا تؤثر على الأصول المجمدة، سواء كانت أموالاً أو ممتلكات، مشيراً إلى أن هذه المسألة تتعلق بإجراءات قانونية أخرى منفصلة، وغالباً ما تبقى معطلة بسبب ارتباطها بتهم الفساد أو الإرهاب أو انتهاك حقوق الإنسان.
وتوقع أن البنك المركزي السوري لا يزال أبرز الكيانات المجمدة أصولها في الخارج، لكنه أشار إلى أن الأرقام المجمدة في الولايات المتحدة لا يُعتقد أنها كبيرة مقارنة باحتياجات البلاد الاقتصادية.