أخبار سوريا

بشارة: الرئيس أحمد الشرع أنجز عملاً تاريخياً مهماً والإسراع بالانتخابات ليس أولوية

قال المفكر العربي الدكتور عزمي بشارة، المدير العام للمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، إنّ سوريا تمر بمرحلة مركبة، وبالتأكيد من زارها شعر بالأمل والفرح، مضيفاً أن هناك أملا كبيرا، خاصة بعد الثورة التي وُوجهت بحرب شاملة، بعد خمسة عقود من الحكم السابق، بدا وكأن حملاً ثقيلاً قد أزيح عن صدور الناس، مما منحهم فرصة للتنفس، لكن في الوقت ذاته بدأت بعض المخاطر في الظهور.

وأضاف بشارة في لقاء على شاشة ومنصات تلفزيون سوريا والتلفزيون العربي، أنه مع الأمل، برزت أيضاً تحديات كبيرة، وهي أن الدولة كانت معطلة، ولحسن الحظ، كان هناك من يسد الفراغ بسرعة، فلم تحدث فوضى شاملة أو انهيار تام أو حرب أهلية، بل كان هناك طرف منظم تولى الأمور وأنشأ عنواناً واضحاً، ما أعطى الناس أملاً في نجاح البناء، ومع ذلك، فإن الدولة بحد ذاتها لم تكن موجودة عملياً، فالجيش كان غائباً، وأجهزة الأمن الداخلي لم تكن فاعلة لفترة طويلة، كما أن الوزارات كانت معطلة بسبب نقص الميزانيات.

في ظل هذه الظروف، تنشأ مخاطر كبرى مثل أخذ القانون باليد، والثأر، والانتقام، والحساسية الاجتماعية، والاضطرابات التي قد تتفاقم نتيجة الجوع والأوضاع الاقتصادية الصعبة، لهذا، تعد المسألتان الأمنية والاقتصادية الأولويتين الأساسيتين قبل الحديث عن أي شيء آخر، يجب التعامل مع الأمن والاقتصاد بسرعة لتهدئة الوضع واستغلال الوقت في إعادة بناء الدولة.

وأشار بشارة إلى أن الأمر لا يتعلق ببناء دولة جديدة، بل باستعادة الدولة لعافيتها، من الخطأ أن لا يفرق السوريون بين النظام والدولة؛ فالدولة السورية قائمة منذ الاستقلال، وبها كوادر وبُنى وأجهزة إدارية، وخلال العقود الخمسة الماضية، تعرضت هذه البنية للضرر بفعل الديكتاتورية، لكنها لم تختفِ تماماً، البيروقراطية ضعفت، لكن مؤسسات الدولة لا تزال موجودة.

وتابع: “لم يكن حل الجيش بالكامل قراراً صائباً، لكن تصحيح هذا الخطأ من خلال إعادة بناء الجيش أمر بالغ الأهمية، لا يعني ذلك الاحتفاظ بكل ما كان موجوداً، بل إعادة استدعاء من يمكنهم أداء الخدمة، وهو ما تم بالفعل عبر دمج الفصائل ثم استدعاء العناصر المطلوبة، من الضروري أن يتم ذلك بطريقة صحيحة، وإلا ستبقى الفصائل كيانات منفصلة داخل المؤسسة العسكرية، مما يعيق تكوين جيش وطني متماسك”.

مسألة الأمن والأولويات

أوضح بشارة، أن المجتمعات المحلية يجب أن تكون مسؤولة عن أمنها الذاتي، دون الحاجة إلى جلب قوات أمنية من مناطق أخرى، الأمن يجب أن يكون قائماً على المجتمعات المحلية، من خلال الشرطة العادية التي تتعامل مع القضايا اليومية للناس، وليس كل شيء يتعلق بالسياسة، فهناك قضايا اجتماعية تمس حياة المواطنين اليومية.

بالإضافة إلى ذلك، هناك هيئات أخرى تُعنى بالمواصلات، والاقتصاد، والضرائب، وتراخيص البناء، والمخططات العمرانية، وكل هذه الأمور لا يجب أن تكون بالضرورة ذات طابع سياسي، لا ينبغي أن تدار هذه الهيئات من قبل أشخاص لديهم ولاء سياسي حصري لجهة معينة، بل يجب الاستفادة من البيروقراطية القائمة في الدولة، وبحسب بشارة، صحيح أنه قد تتسرب بعض العناصر القديمة إلى هذه المؤسسات، لكن في النهاية، هذه دولة وشعب، وسيكون من الطبيعي حدوث بعض المشكلات هنا وهناك.

من جهة أخرى، الإدارة السورية تواجه هذا التحدي يومياً، وهناك صعوبة في إيجاد التوازن بين الحفاظ على البيروقراطية والاستعانة بضباط سابقين، وبين تلبية المطالب الشعبية بمحاسبة المتورطين في الجرائم، ومع ذلك، يمكن ضبط هذه المعادلة، خاصة أن القيادة الحالية لديها رصيد كافٍ يسمح بذلك، هناك مطالب حقيقية من قبل الناس، سواء تعويضات عن الأضرار أو محاسبة المجرمين، لذلك من الضروري الإعلان عن إجراءات قانونية واضحة في أسرع وقت ممكن لجمع الشكاوى والشهادات، وتشكيل محاكم لمحاسبة المتورطين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى