حذّرت لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا من أن التصاعد الأخير في أعمال العنف والتدخل الإسرائيلي في سوريا يهددان السلام المستدام في البلاد.
وفي بيان لها، قالت اللجنة إن “الاشتباكات المميتة ذات الأبعاد الطائفية في ريف دمشق، والتي امتدت إلى محافظة السويداء، أمر مثير للقلق العميق بالنسبة لمسار سوريا نحو السلام المستدام الذي يحترم الحقوق”، مضيفة أن “خطر تفاقم التشرذم وإلحاق الأذى بالمدنيين يتفاقم نتيجة استمرار الغارات الجوية الإسرائيلية على الأراضي السورية”.
وأوضح البيان أن “انتشار التحريض التمييزي وخطاب الكراهية، بما في ذلك عبر وسائل التواصل الاجتماعي، يؤجج العنف ويهدد التماسك الاجتماعي الهش في سوريا”.
ودعت لجنة التحقيق جميع الأطراف المعنية بالتصعيد الحالي إلى “وقف الأعمال العدائية فوراً، والسعي إلى جميع السبل المتاحة لتهدئة الوضع والحوار”، مشددة على أهمية “إعطاء الأولوية لحماية المدنيين، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية، ومنع المزيد من النزوح”.
التدخلات الخارجية تفاقم العنف والنزوح
وأكدت لجنة التحقيق الدولية أن الغارات الجوية الإسرائيلية وتهديداتها بمزيد من التدخل العسكري في ظل استمرارها في توسيع احتلالها للجولان السوري، فضلاً عن محاولاتها لتقسيم مختلف المجتمعات السورية، “تُنذر بزعزعة استقرار سوريا أكثر فأكثر”.
وأكد بيان اللجنة الأممية أن “تاريخ سوريا الحديث يذكرنا بأن التدخلات الخارجية غالباً ما أدت إلى تفاقم العنف والنزوح والتشرذم”.
وأشار البيان إلى أنه “في حين يظل الوضع متقلباً، وتشير التقارير إلى التوصل إلى اتفاق بين زعماء بارزين في السويداء والسلطات في دمشق، تؤكد لجنة التحقيق أن الحكومة المؤقتة تظل مسؤولة عن ضمان حماية جميع المدنيين في المناطق الخاضعة لسيطرتها”.
الإفلات من العقاب محرك ثابت للصراع
واعتبرت لجنة التحقيق الدولية أن “الإفلات من العقاب على الانتهاكات الجسيمة لطالما كان محركاً ثابتاً للصراع في سوريا، ويجب ألا يُسمح له بالاستمرار”، مشددة على أنه “لا يمكن لسوريا أن تبدأ في إعادة بناء الثقة بين مجتمعاتها المتصدعة إلا من خلال تعزيز سيادة القانون، وضمان العدالة والمساءلة، وتعويض الضحايا وعائلاتهم”.
وطالبت اللجنة الحكومة السورية بأن “تضمن إجراء تحقيقات سريعة ونزيهة وشفافة ومستقلة في هذه الانتهاكات للقانون الدولي، ومحاسبة مرتكبيها من خلال عمليات موثوقة بموجب القانون السوري”.
ولفتت لجنة التحقيق الدولية المستقلة إلى أن “الاشتباكات الأخيرة، التي أعقبت أعمال العنف في المناطق الساحلية السورية مطلع آذار الماضي، تسلط الضوء على الوضع الأمني الهش في البلاد، والحاجة المُلِحّة لوقف التصعيد”.
أحداث جرمانا وصحنايا والسويداء
ويأتي ذلك عقب التوترات الأخيرة التي شهدتها مناطق جرمانا وصحنايا بريف دمشق ومحافظة السويداء، والتي بدأت فجر الثلاثاء الماضي في جرمانا، حيث شنت مجموعات مسلحة هجمات على المدينة، واندلعت اشتباكات عنيفة أوقعت 13 قتيلاً، بينهم اثنان من عناصر الأمن العام، قبل أن تمتد المواجهات إلى صحنايا وأشرفيتها، وتؤدي إلى مقتل 16 عنصراً أمنياً إضافياً.
وجاءت هذه الأحداث على خلفية انتشار تسجيل صوتي منسوب لأحد شيوخ الطائفة الدرزية، يتضمن إساءة للنبي الكريم، ما فجّر موجة غضب واحتقان، رغم نفي الشيخ المعني أي صلة بالتسجيل. في المقابل، دان عدد من مشايخ وعائلات الطائفة التسجيل، مؤكدين احترامهم للرموز الدينية، ودعوا إلى ضبط النفس وتفادي الفتنة الطائفية.
ومساء أمس الجمعة، شنت طائرات دولة الاحتلال الإسرائيلي سلسلة غارات جوية، استهدفت مواقع متفرقة في ريف دمشق ودرعا وحماة، في واحدة من أعنف الهجمات التي تطول الداخل السوري خلال الأشهر الأخيرة.
وسبق هذه الهجمات أن شنت الطائرات الإسرائيلية غارة جوية استهدفت موقعاً قرب القصر الرئاسي في العاصمة دمشق، قال بيان صادر عن دولة الاحتلال إنها “تحمل رسالة واضحة إلى الحكومة السورية”، مشدداً على أن إسرائيل “لن تسمح بأي تهديد للدروز”.