
كشفت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية (OPCW) عن وجود أكثر من 100 موقع يُشتبه باحتوائه على أسلحة كيميائية ما يزال في سوريا بعد سقوط نظام الأسد، بعضها مخفي في كهوف أو مواقع يصعب الوصول إليها، في حصيلة تفوق بكثير ما كان النظام المخلوع قد أعلنه رسمياً خلال فترة حكمه.
وقالت صحيفة نيويورك تايمز، اليوم الأحد، نقلاً عن المنظمة، إن المواقع يُعتقد أنها استخدمت في تصنيع أو تخزين أسلحة كيميائية خلال فترة حكم الأسد، الذي لجأ إلى استخدام غازات مثل السارين والكلور ضد المدنيين ومقاتلي المعارضة منذ اندلاع الثورة السورية عام 2011.
نظام الأسد أخفى مواقع تحوي أسلحة كيميائية
وفي السنوات الأولى من الثورة السورية، أقرّ النظام بوجود 27 موقعاً فقط، سلم بياناتها إلى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، التي بدورها أرسلت مفتشين أمميين لزيارتها وإغلاقها، إلا أن الأسد، بحسب تقارير دولية، استمر في استخدام الأسلحة الكيميائية حتى عام 2018 على الأقل.
وأكدت “نيويورك تايمز” أن الحكومة السورية الحالية سمحت لفريق من منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بدخول البلاد هذا العام، لبدء عملية توثيق وتفتيش المواقع المشتبه بها.
وأوضحت المنظمة أن تقديرها الجديد بوجود أكثر من 100 موقع جاء استناداً إلى أبحاث أجراها خبراء مستقلون، ومنظمات غير حكومية، ومعلومات استخبارية قدمتها الدول الأعضاء في المنظمة.
ونقلت الصحيفة عن باحثين وخبراء وموظفين سابقين في المنظمة قولهم إن بعض المواقع قد تكون مخفية في كهوف أو أماكن يصعب رصدها بالأقمار الصناعية، مما يزيد من التحديات أمام جهود التحقق والتفكيك.
وأكدت الصحيفة أن العثور على المواقع الكيميائية في سوريا والسيطرة عليها لا يقتصر فقط على اعتبارات الأمن، بل يحمل أهمية كبرى من ناحية جمع الأدلة الضرورية للتحقيقات الدولية حول برنامج الأسد الكيميائي والملاحقات القضائية المحتملة ضد مرتكبي الانتهاكات.
ونقلت الصحيفة عن رائد الصالح، وزير الطوارئ والكوارث في الحكومة السورية الجديدة، قوله إن “هناك العديد من المواقع التي لا نعرف عنها شيئاً لأن النظام السابق كان يكذب على منظمة حظر الأسلحة الكيميائية”.
بدوره، قال نضال شيخاني، رئيس مركز توثيق الانتهاكات الكيميائية في سوريا، والذي عمل لسنوات مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، إن مركزه حدد عشرات المواقع الجديدة يُعتقد أنها مخزونات أسلحة كيميائية أو منشآت بحثية سابقة، وذلك استناداً إلى مقابلات أجريت مع علماء سوريين سابقين يقيمون حالياً في أوروبا، وفق الصحيفة.
وتحدثت الصحيفة مع كيميائي حكومي سوري سابق، طلب عدم الكشف عن اسمه، وأوضح أن برنامج الأسلحة الكيميائية السوري بدأ في سبعينيات القرن الماضي، بمساعدة مئات العلماء الحكوميين الذين تلقى العديد منهم تدريباً في ألمانيا ودول أوروبية أخرى، وأشار إلى أن بعض هؤلاء فرّوا خلال سنوات الحرب، في حين بقي آخرون داخل البلاد.
ورغم تأكيد الحكومة السورية الجديدة تعاونها مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، وسماحها مؤخراً بدخول فريق تفتيش دولي إلى البلاد، فإن التقرير يرى أن مسألة تأمين هذه المواقع تمثل اختباراً حقيقياً لمدى جدية الحكومة، خاصة في ظل مخاوف من تسلل جماعات مسلحة إلى المنشآت “السيّئة الحراسة”.
الحكومة السورية تسهل عمل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية
وأمس السبت، تلقى الرئيس السوري أحمد الشرع برقية تهنئة رسمية من المدير العام لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، فرناندو آرياس، وذلك عقب الإعلان عن تشكيل الحكومة السورية الجديدة.
وفي 8 شباط/فبراير الماضي، استقبل الشرع وفداً من منظمة حظر الأسلحة الكيميائية برئاسة مديرها العام فرناندو أرياس، وذلك في العاصمة دمشق، كما شاركت سوريا لأول مرة في اجتماع المجلس التنفيذي للمنظمة، والذي عُقد في مدينة لاهاي في آذار الفائت.
وخلال الاجتماع، أعلن وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني أن الحكومة السورية ملتزمة بتدمير أي بقايا من برنامج الأسلحة الكيميائية الذي تم تطويره في عهد نظام بشار الأسد، مضيفاً أن سوريا تلتزم التزاماً كاملاً بالقانون الدولي، مؤكداً استعدادها للتعاون مع المنظمة في سبيل طيّ هذا الملف الذي ظلّ شائكاً لعقود.