أخبار سوريا

مسؤول أممي: العدالة في سوريا ليست هدفاً بعيد المنال ونرحب بتعاون الحكومة

أكد رئيس الآلية الدولية المحايدة والمستقلة للتحقيق في الجرائم الخطيرة في سوريا، روبرت بيتي، أن العدالة في سوريا لم تعد طموحاً نظرياً وهدفاً سياسياً بعيد المنال، بل فرصة ملموسة، معرباً عن ترحيب الآلية الأممية بالتدابير التي اتخذتها الحكومة السورية لحماية البيانات والأدلة.

جاء ذلك في كلمة له أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة لتقديم تقرير الآلية الذي يتضمن تحديثاً شاملاً حول التقدم الذي أحرزته في دعم التحقيقات والملاحقات القضائية المتعلقة بالجرائم الجسيمة المرتكبة في سوريا منذ آذار 2011.

ووصف بيتي الأحداث عقب سقوط نظام الرئيس المخلوع، بشار الأسد، في 8 كانون الأول الماضي بأنها “لحظة مفصلية في تاريخ البلاد، أنهت أكثر من 13 عاماً من الصراع، و50 عاماً من الحكم الاستبدادي”، مشيراً إلى تصريح الأمين العام للأمم المتحدة بأن ما حدث “يعتبر شعلة أمل يجب ألا تنطفئ”.

وقال بيتي إنه تمكّن وفريقه، بعد ثماني سنوات من تأسيس الآلية، من إجراء أول زيارة رسمية إلى سوريا، في كانون الأول الماضي، مشيراً إلى أن الآلية بدأت “حواراً بناءً” مع الحكومة السورية.

وأعرب المسؤول الأممي عن ترحيبه “بالتدابير التي اتخذتها الحكومة السورية لحماية البيانات، وتقييد وتنظيم الوصول إلى المواقع التي تحتوي على معلومات وأدلة قيّمة، مما قد يساعد في إثبات المسؤولية الجنائية للأفراد الأكثر مسؤولية”.

تقدم ملموس

وأشار رئيس الآلية الدولية إلى أنه “رغم قيود الموارد، استطاعت الآلية تحقيق تقدم ملموس على جبهات عدة”، مضيفاً أنه “في عام 2024 وحده، أجرينا 154 نشاطاً لجمع البيانات، مما وسع مستودعنا المركزي إلى 280 تيرابايت من البيانات”.

وكشف بيتي أن فريق الآلية عثر خلال زيارته إلى سوريا على كميات ضخمة من الوثائق التي تحتاج إلى حماية عاجلة، من بينها النسخ الأصلية من “ملفات قيصر”، والتي وصفها بأنها “تمثل دليلاً على تعذيب منهجي على نطاق صناعي”، مشيراً إلى أن الصور توثق جثث معتقلين أُخرجوا من مراكز احتجاز واحداً تلو الآخر.

وذكر أن الآلية الدولية المحايدة “دعمت بشكل مباشر نجاح الملاحقات القضائية في ولايات قضائية متعددة، وأدت إلى إصدار مذكرات توقيف بحق الجناة”.

وأوضح أنه “حتى الآن، تلقت الآلية 466 طلب مساعدة من 16 ولاية قضائية، تتعلق بـ 321 تحقيقاً منفصلاً في جرائم ارتكبتها مجموعة واسعة من الجناة في سوريا”.

ولفت بيتي إلى أن الآلية الدولية المحايدة “دعمت التحقيقات الفرنسية التي أدت إلى إصدار مذكرات توقيف بحق بشار الأسد وشقيقه ماهر، إلى جانب ثمانية مسؤولين كبار آخرين، بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية”.

فجوة التمويل تهدد عمل الآلية

من جانب آخر، حذّر رئيس الآلية الدولية المحايدة من “فجوة تمويلية خطيرة، قد تهدد استمرارية عمل الآلية”، موضحاً أن ميزانيتها لم تُحدّث منذ عام 2020، رغم تضاعف حجم العمل.

وذكر أن العجز في موازنة عام 2025 يبلغ 7.5 ملايين دولار، ما أجبر الآلية على إلغاء 18 وظيفة هذا العام، وأدى إلى “تباطؤ في التحقيقات وتأخير في المساعدات، وإضاعة فرص لتحقيق العدالة”، داعياً الدول الأعضاء إلى تقديم دعم مالي متعدد السنوات.

وقال بيتي على “نهج الآلية الذي يركز على الضحايا والناجين”، مشدداً أنه “في قلب كل وثيقة، وكل شهادة، وكل تحليل، أشخاص، كثيرون منهم فُقِد، وكثيرون منهم نجوا، ولكل منهم الحق في العدالة”.

وأكد رئيس الآلية الدولية على أن “عملية العدالة الانتقالية يجب أن تكون شاملة، يقودها ويملكها السوريون، وعليهم أن يُحددوا معنى العدالة بالنسبة لهم، على المستوى الوطني والإقليمي والدولي”، مشدداً على أن “المساءلة لا يمكن أن تتحقق إلا إذا كانت جزءا من استجابة شاملة للتحديات التي تواجهها سوريا”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى