
قال وزير الإعلام السوري حمزة المصطفى إنه يرفض بشكل تام استخدام حرم الجامعات منصة للتجييش الطائفي وتهديد السلم الأهلي بأي شكل من الأشكال ومحاسبة كل من يخالف.
وأضاف المصطفى في منشور له على حساباته الرسمية بمواقع التواصل، يوم الخميس، أنه تم التواصل مع وزير التعليم العالي والبحث العلمي مروان الحلبي، حول المشهد الأخير الذي انتشر على منصات التواصل الاجتماعي وأظهر مغادرة العديد من الطلاب المدينة الجامعية.
وأشار وزير الإعلام إلى أن وزير التعليم العالي أبدى استعداده للتعاون مع محافظ السويداء ووزارة الداخلية من أجل إعادة الطلاب والطالبات وحمايتهم، متعهداً بأن تبقى الجامعات السورية منارة للفكر وحامية للتنوع الذي تفخر به سوريا.
وتأتي تصريحات الوزير بعد أن عادت إلى الواجهة قضية طلاب من أبناء محافظة السويداء الذين اضطروا إلى مغادرة جامعاتهم في دمشق وحلب وحمص، إثر تصاعد المضايقات والاعتداءات بعد حادثة السكن الجامعي في مدينة حمص خلال نيسان الماضي وانتقال التصعيد إلى جرمانا وأشرفية صحنايا حيث قرر عدد من الطلاب التوجه إلى محافظة السويداء، وساعدتهم السلطات السورية بعمليات الإجلاء.
وبحسب مصادر طلابية، بلغت عمليات الإجلاء ذروتها في الأيام الأولى بعد التصعيد، حيث شهدت المحافظات الرئيسية موجة مغادرة جماعية. وكانت عمليات الإجلاء قد بدأت عقب الاعتداء الذي وقع في جامعة حمص ثم توسع نطاقها ليشمل جامعات دمشق وحلب.
وتشير المعطيات إلى أن وتيرة المغادرة بدأت تتراجع تدريجياً بعد تدخل وجهاء المحافظة وتخفيف التوتر الأمني.
وذكر موقع “السويداء 24” المحلي أن نحو 300 طالب من أبناء المحافظة وصلوا يوم الأربعاء من جامعة حلب إلى السويداء ضمن عملية إجلاء جديدة، من بينهم طالب مصاب، مستفيدين من عودة الاستقرار النسبي إلى طريق دمشق – السويداء.
وتداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي فيديوهات توثق لحظة مغادرة مئات الطلاب من جامعة دمشق إلى السويداء، وأشار عدد من الطلاب تواصل معهم موقع تلفزيون سوريا أن الفيديوهات المتداولة اليوم هي لعمليات إجلاء سابقة جرت قبل أسبوع.
وفي أول رد رسمي نفى مدير المدينة الجامعية في دمشق، عمار الأيوبي، لموقع الإخبارية، صحة ما تم تداوله عن حدوث إجلاء قسري أو طرد لأي طالب من السكن الجامعي. وأوضح أن المقطع المصور الذي انتشر على وسائل التواصل وسُوّق على أنه طرد لطلاب من السويداء، سُجل قبل عشرة أيام، تزامناً مع حادثة التسجيلات المسيئة، وقبل وقوع أي توتر في جرمانا وصحنايا. وأكد أن مغادرة الطلاب تمت بطلب منهم، من دون أي ضغوط، وأن المدينة لم تشهد أي عنف. ودعا الأيوبي الطلاب للعودة، مؤكداً أن السكن يرحب بهم ويضمن أمنهم.
روايات متعددة من الميدان بين النفي والتوثيق
في ظل هذه التطورات، تباينت الشهادات حول الوضع داخل الجامعات وأسبابه. أكدت لين، وهي طالبة في كلية الطب البشري بجامعة دمشق، لتلفزيون سوريا أن الوضع داخل الجامعة “لا يتسم بذلك القدر من المبالغة المتداولة عبر مواقع التواصل”.
مشيرة إلى أن “الطريق إلى الجامعة غير مستقر تماماً، إذ يُفتح ويُغلق بشكل متقطع”. وتضيف أن “ما يُتداول من تهديدات داخل الحرم الجامعي غير صحيح، وهناك تعليمات واضحة من وزارة التعليم والعمداء تمنع أي سلوك طائفي، ويتم التعامل بجدية مع الشكاوى الواردة”.
ونفت لين بشكل قاطع الخبر الذي انتشر مؤخراً عن مقتل طالب من أبناء السويداء داخل كليتها، واصفة إياه بأنه “غير صحيح على الإطلاق”. وترى لين أن بعض الزملاء يرفضون الحضور رغم أن الكلية قد بررت لهم الغياب، وأن هناك شعوراً عاماً لديهم بأن الجميع يضمر لهم الكراهية. وتصف هذا الشعور بأنه “يولّد عزلة ذاتية ويغذّي الانقسام”، معربة عن أسفها لما تعتبره مساهمة من الطلاب أنفسهم في تأجيج الوضع.
كما أشارت إلى تعرضهم لهجوم كبير لانتقادهم شخصيات معينة، ويتم وصفهم بأنهم متشددون أو متطرفون، مؤكدة أن زملاءها يتجاهلون ذلك.
في المقابل، قدّم أمجد البربور، طالب في كلية الطب البشري في السنة الثانية بجامعة حلب ومن أبناء السويداء، شهادة مختلفة توثق أحداثاً مباشرة تعرض لها الطلاب. قال أمجد إنهم “غادروا الجامعة بسبب تصاعد التحريض الطائفي، والذي بدأ في السكن الجامعي بحمص، حيث تعرض عدد من الطلاب للضرب من دون أي مبرر سوى انتمائهم المناطقي”.
عقب ذلك، تم إجلاء جميع طلاب السويداء من سكن حمص. وأوضح أن “هذا دفع طلاباً في دمشق واللاذقية وحماة لاتخاذ قرارات مماثلة تفادياً للحوادث التي من الممكن أن تصير بعد التجييش الطائفي الذي صار ضدنا”.
وأضاف أنه في حلب وفي الأسبوع الماضي، اندلعت مظاهرة داخل السكن الجامعي تخللها ترديد عبارات طائفية، تلاها تهديدات صريحة عبر وسائل التواصل الاجتماعي. ثم وقعت حادثة طعن لطالب من أبناء السويداء للسبب نفسه. عندئذ، نسقت إدارة السكن مع الأمن العام لنقلهم إلى وحدة سكنية مغلقة خضعت لحراسة أمنية على مدى أسبوع.
وطالب أمجد بأن تستجيب وزارة التعليم العالي سريعاً لمعالجة هذا الملف بشكل جذري، مؤكداً أن الجامعات يجب أن تبقى أماكن للتعليم وليست ساحة للصراعات الطائفية.
كما عبّرت طالبة من أبناء السويداء فضّلت عدم الكشف عن اسمها، عن قلقها على شقيقها الطالب في جامعة حلب، قائلة إن “ما جرى في بعض الحالات يُصنّف ضمن التجاوزات الفردية، لكنها باتت كثيرة ومقلقة”.
وشقيقها تعرض لسلسلة من المضايقات غير المبررة، فقط بسبب انتمائه. وتؤكد أن كثيراً من الأهالي قرروا عدم إرسال أبنائهم إلى الجامعات مجدداً بسبب المضايقات الكبيرة التي تعرضوا لها. وترى أن “الخطاب الطائفي بات منتشراً على نحو يومي، سواء من أطراف في ريف دمشق أو من بعض مناطق درعا، ما خلق حالة من الرعب بين طلابنا”.
وفي السياق نفسه تواصل تلفزيون سوريا مع أهالي طلاب من السويداء في حلب وذكروا أنهم تلقوا عبر تطبيق واتساب تسجيلات محلية تدعوهم لإعادة أولادهم الطلبة وتؤكد أن “كل عائلة تتحمل مسؤولية أمن أبنائها في حال عدم عودتهم”.