
دعا نائب منسق الشؤون الإنسانية الإقليمي للأزمة السورية، ديفيد كاردن، إلى الاستثمار في “سوريا الجديدة”، مشدداً على ضرورة رفع العقوبات لإعادة بناء مستقبل البلاد “المليئة بالأمل والفرص”.
وفي تصريحات من مدينة غازي عنتاب، قال كاردن إن “الوقت قد حان للاستثمار في سوريا فيما تمر بمرحلة انتقالية محورية، وذلك للمساعدة في تشكيل مستقبل أكثر اعتماداً على الذات لشعبها، ودعم العودة الآمنة والكريمة للنازحين واللاجئين”.
وأعرب كاردن عن أمله في أن تكون المرحلة الإنسانية في سوريا “أقصر ما يمكن، حتى نتمكن من المضي قدما نحو التعافي وإعادة الإعمار”، مضيفاً أنه “في هذا السياق، نأمل أن نرى مزيداً من تخفيف العقوبات”.
وقال المسؤول الأممي إنه يشعر “بالتفاؤل إزاء انخفاض مستويات الصراع في سوريا”، موضحاً أنه “إذا استمر هذا المسار الإيجابي، ستتاح للناس فرصة العيش في سلام”، مشدداً على أن “الناس لا يريدون إغاثة مؤقتة، بل يريدون فرصا لكسب لقمة العيش وإعادة بناء حياتهم بكرامة”.
تبسيط الاستجابة الإنسانية
وتأتي تصريحات نائب منسق الشؤون الإنسانية قبيل 24 ساعة من إلغاء منصبه بشكل رسمي، كجزء من جهود الأمم المتحدة الانتقالية في “سوريا الجديدة” بهدف تبسيط استجابة التنسيق بقيادة المنسق المقيم ومنسق الشؤون الإنسانية في دمشق بحلول نهاية حزيران المقبل.
وقال كاردن إن “عمل العامل الإنساني هو أن يُخرج نفسه من وظيفته ويهيئ الظروف التي لم تعد هناك حاجة فيها للمساعدات الإنسانية”، مضيفاً أنه “مع انتهاء منصبي، آمل أن يعكس هذا أيضاً مساراً جاداً نحو مستقبل أكثر إشراقاً واستقراراً، فالأشخاص الأكثر ضعفاً في سوريا لا يستحقون أقل من ذلك، وأتمنى لهم كل التوفيق”.
وأشار إلى أن العملية الإنسانية عبر الحدود من تركيا إلى سوريا “وُلدت بدافع الضرورة في ظل الانقسامات السياسية المتجذرة لضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى السوريين الأكثر ضعفاً”، مشيراً إلى أن “العمل امتد إلى ما هو أبعد من مجرد إيصال مواد الإغاثة، ليشمل دعم الناس لإعادة بناء سبل عيشهم في مواجهة القصف والغارات الجوية المستمرة”.
سوريا مليئة بالأمل والفرص
واعتبر المسؤول الأممي أن “الوضع تغير الآن، حيث توجد سوريا جديدة، مليئة بالأمل والفرص”، محذّرا في الوقت نفسه من أنه رغم انحسار مستويات الصراع في أجزاء كثيرة من البلاد، فإن “الأزمة في سوريا لم تنتهِ بعد”.
ولفت إلى أن أكثر من 16 مليون شخص اليوم بحاجة إلى المساعدة، أي ما يعادل سبعة من كل عشرة سوريين، غالبيتهم من النساء والأطفال، وبينما كانت هناك زيادة تدريجية في عمليات العودة هذا العام، لا تزال سوريا واحدة من أكبر أزمات النزوح في العالم، حيث لا يزال هناك سبعة ملايين نازح داخل البلاد.
وشدد كاردين على أن الأمم المتحدة وشركاءها “يبذلون قصارى جهدهم بالموارد المتاحة”، لكنه أعرب عن قلقه العميق إزاء النقص الفادح في التمويل، مما أدى بالفعل إلى تعليق خدمات المياه والصرف الصحي في المخيمات، والأماكن الآمنة للنساء والفتيات، وغيرها من الأنشطة الإنسانية في جميع أنحاء سوريا.
وكشف المسؤول الأممي أن المجتمع الإنساني أمّن، حتى الآن، 179 مليون دولار للاستجابة الإنسانية في سوريا، وهو ما يمثل أقل من 9 % من الملياري دولار اللازمة لمساعدة الفئات الأكثر ضعفاً حتى نهاية حزيران من هذا العام.