
تتفاقم حدّة الخلافات الداخلية بين المجموعات المسلحة التابعة لحكمت الهجري، مع تزايد الاتهامات الموجهة إلى قادتها بالتلاعب في توزيع المساعدات الإنسانية في السويداء واحتكار جزء كبير منها لمصالح خاصة، ما ولّد حالة من الغضب الشعبي وفتح باب التساؤلات حول مصير الدعم الإغاثي الممنوح إلى أهالي المحافظة المتضررين.
وتترافق هذه الاتهامات مع دعوات تطالب بوقف استغلال حاجة الناس وتحويل العمل الإنساني إلى وسيلة نفوذ اقتصادي واجتماعي بيد مجموعات خارجة عن القانون.
وتعكس هذه التطورات هشاشة الوضع الإنساني في السويداء، بعد أن تحولت المساعدات إلى محور صراع داخلي بين المجموعات المسلحة المرتبطة بالهجري، في ظل غياب الشفافية والمساءلة، ورفض التعامل مع مؤسسات الدولة السورية التي تعمل بالتنسيق مع الهلال الأحمر لضمان وصول المساعدات إلى مستحقّيها.
احتكار المساعدات الإنسانية
نشر أحد الناشطين منشوراً على صفحته في “فيسبوك” في 13 تشرين الأول، انتقد فيه سوء إدارة ملفّ المساعدات الإغاثية في السويداء، قبل أن تمارس عليه عصابات الهجري ضغوطاً أفضت إلى قيامه بحذف المنشور.
واتّهم الناشط القائمين على التوزيع بـ”الإدارة الفاشلة”، مؤكداً أن “من يريد بناء دولة عليه أن يُطعم الناس ويشعرهم أنّه معهم”، مشيراً إلى وجود قضايا كثيرة “يُجبَر الناس على الصمت عنها”.
وتداول ناشطون مقطعاً مصوراً يظهر فيه الناشط وهو يوثق دخول شاحنات مساعدات إلى المدينة، متسائلاً عن وجهتها وسبب اختفائها.
ووجّه الناشط اتهاماً مباشراً إلى قادة المجموعات المسلّحة بـ”بيع المواد الإغاثية في الأسواق” وسرقة الدعم المخصص للأهالي.
مطالبات بالعودة إلى سلطة الدولة
ودعا عدد من المعلقين أبناء السويداء إلى “نبذ المسلحين والانصياع لسلطة الدولة”، معتبرين أن استمرار المجموعات المسلحة في التحكم بالمساعدات يؤكد فشلها في إدارة أي شؤون خدمية أو إنسانية.
وتأتي هذه التطورات في ظل تصاعد الانتقادات الشعبية داخل السويداء تجاه المجموعات المسلحة المرتبطة بحكمت الهجري، التي تحتكر المساعدات الإنسانية المرسلة بالتنسيق بين الحكومة والهلال الأحمر، وتستخدمها لتعزيز النفوذ والسيطرة، وسط غياب الشفافية والمساءلة.
ودخلت إلى السويداء منذ منتصف تموز الماضي عشرات القوافل الإغاثية لدعم العائلات المتضررة جراء الانتهاكات التي ارتكبتها العصابات الخارجة عن القانون في المحافظة.
ورفض حكمت الهجري في 20 تموز دخول قوافل المساعدات الإنسانية والإغاثية التي رافقها وفد حكومي إلى السويداء، مؤكداً رفضه التعامل مع مؤسسات الدولة السورية.
تعطيل مصالح المدنيين
وكشفت مصادر خاصة أواخر أيلول الماضي عن سرقة أكثر من 160 مليون دولار أمريكي من تبرّعات أبناء المحافظة المغتربين، كانت مخصصة لدعم الأهالي والبنية التحتية، حيث جرى تحويلها لصالح حكمت الهجري وشخصيّات مقرّبة منه دون وجود آلية رقابية واضحة، بينما لم يستفد الأهالي من تلك الأموال سوى مبالغ ضئيلة لا تتناسب مع حجم التبرّعات.
وتستمر المجموعات المسلّحة التابعة للهجري في تعطيل مصالح المدنيين لحساب مصالحها الشخصية، عبر فرض واقع أمني متوتر وبث الفوضى بين المواطنين في السويداء.
وكان مدير أمن السويداء سليمان عبد الباقي قد صرح في 8 تشرين الأول الجاري بتلقّيه بلاغات حول فرض أتاوات وأذونات أمنية على المواطنين الراغبين بمغادرة المحافظة من قبل مجموعات مسلّحة تابعة للشيخ حكمت الهجري.
وأكد عبد الباقي في آب الماضي أن الغالبية الساحقة من أبناء السويداء وطنيون يرفضون مشاريع التقسيم والانفصال، وأن من يسعى وراء أجندات الخارج وإشعال الفتنة لا يتجاوز نسبة ضئيلة جرى تضخيمها لخدمة مصالح شخصية.
وشهدت الأشهر الماضية هجمات نفذتها مجموعات مسلّحة خارجة عن القانون تابعة للهجري، استهدفت عشرات القرى والبلدات في جرائم تطهير عرقي ضدّ عشائر البدو، إلى جانب تورّطها في أنشطة غير مشروعة كتهريب السلاح والمخدّرات عبر الحدود.