أخبار سوريا

الشيباني لمجلس حقوق الإنسان: مفوضية عليا للمفقودين وعدالة انتقالية لسوريا جديدة

أعلن وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، إنشاء مفوضية عليا للنظر في قضايا المفقودين والمختفين قسراً، مشيراً إلى ثلاث فئات من الشعب السوري “لا يجوز إغفال حقوقها”.

جاء ذلك في كلمة مصوّرة ألقاها الشيباني أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، استعرض فيها الانتهاكات الجسيمة التي تعرض لها الشعب السوري خلال العقود الماضية، وأكد التزام الحكومة السورية الجديدة بتحقيق العدالة الانتقالية وضمان حقوق الضحايا والمفقودين والأحياء في سوريا الجديدة.

وقال الشيباني إن الشعب السوري “عانى لأكثر من خمسة عقود من النظام الاستبدادي الوحشي، وتعرض خلالها لشتى أنواع القمع والتعذيب وانتهاكات حقوق الإنسان الأساسية والسياسية والمدنية”، موضحاً أن نظام الأسد “استخدم البراميل المتفجرة والأسلحة الكيميائية والذخائر العنقودية والأسلحة الحارقة ضد المدنيين، وتحولت السجون السورية إلى مسارح للتعذيب الجماعي وعمليات القتل الوحشي”.

وذكر الشيباني أن الناجين من هذه السجون رووا “قصصاً مروعة عن الضرب والصعق الكهربائي والعنف الجنسي والتجويع والتعذيب النفسي”، مضيفاً أن المهجرين قسرياً “عاشوا كمداً لا يُحتمل، مشتتين بين المنافي، ولا يعلمون إن كان شملهم سيلتئم يوماً ما”.

وأكد الوزير السوري أن سوريا اليوم “على أعتاب مرحلة جديدة انتصرت فيها إرادة الشعب السوري، وبدأت شمس الإنسانية تعود إلى سوريا من جديد. نؤكد سعينا المستمر في تحقيق حرية وكرامة شعبنا السوري بكل عزم وإصرار”.

ثلاث فئات لا يجوز إغفال حقوقها

وشدد الشيباني على أن سوريا “تواجه اليوم تحديات متعددة ومختلفة على المستوى الإنساني والسياسي والخدمي والاجتماعي، فقد خلف لنا نظام الأسد جروحاً عميقة وتركة ثقيلة”، مشيراً إلى ثلاث فئات “لا يجوز لنا أن نغفل عن حقوقها اليوم، وعلينا أن نعمل معاً لضمانها وتحقيقها”.

  • حقوق من رحلوا: ضحايا جرائم الأسد

أكد الشيباني أن “تحقيق العدالة الانتقالية بحق الجرائم التي ارتُكبت في سوريا على مدى العقد والنصف الماضيين، وهي الجرائم التي وثقها مجلس حقوق الإنسان، ليست بالمهمة السهلة”، لكنه شدد على التزام الحكومة السورية “بالسعي إلى العدالة، ومكافحة الإفلات من العقاب”.

وقال إن الحكومة السورية “اتخذت بالفعل خطوات وتدابير في هذا الاتجاه، بما في ذلك على المستوى الدولي. ففي الأسابيع الماضية، وبعد تحرير سوريا، سمحت الحكومة السورية للجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة بدخول سوريا بعد أن كان النظام المخلوع يمنعها، كما استقبلنا منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في زيارة تاريخية إلى سوريا، واتفقنا على خريطة طريق معها”.

وأشار الشيباني إلى سماح الحكومة السورية للآلية الدولية المحايدة والمستقلة، التي أنشأتها الجمعية العامة للأمم المتحدة، بدخول سوريا لأول مرة منذ تأسيسها، مشدداً على التزام الحكومة الجديدة بالعمل مع هذه الآلية “بقدر إمكاناتنا لتحقيق عدالة انتقالية تليق بشعبنا”.

  • حقوق المفقودين

تحدث الشيباني عن معاناة عائلات المفقودين، واصفاً غياب الأحباب بأنه “عذاب شديد لا يطيقه إنسان، ولا تحتمله عائلة”، مؤكداً أن جميع العائلات السورية تقريباً مرت بهذه التجربة الأليمة.

وأعلن الوزير الشيباني تأسيس الحكومة السورية لمفوضية عليا للنظر في قضية المفقودين والمختفين قسرياً، في خطوة تهدف إلى معالجة هذا الملف الحساس.

  • حقوق الأحياء ومستقبل سوريا

أكد الشيباني أن سوريا “بحاجة إلى ضمان عدم تكرار انتهاكات الماضي”، موضحاً أنه “بينما نرنو للمستقبل، نحمل تكليفاً جليلاً بضمان عدم تكرار الفضائح والانتهاكات التي ارتكبها نظام الأسد، فالشعب السوري يستحق وطناً تُصان فيه حقوقه، ويُسمع صوته، وتحفظ كرامته”.

وأضاف: “رغم معاناة السوريين المستمرة طوال 14 عاماً، فإن المجتمع الدولي لم يتمكن من وقف النزيف السوري”، داعياً المجتمع الدولي إلى “الوقوف مع الشعب السوري، ودعم كفاحه من أجل العدالة والكرامة”.

رفع العقوبات وإعادة بناء سوريا

من جانب آخر، انتقد الشيباني استمرار العقوبات المفروضة على سوريا، معتبراً أنه “لا يصح أن تقف العقوبات عائقاً أمام بناء سوريا ونهضة مستقبلها”.

وأضاف أن “الأساس القانوني لهذه العقوبات استند إلى نظام الأسد وقمعه، ومع سقوطه لا يوجد مبرر لاستمرارها، فهي تعرقل المساعدات الإنسانية، وتفاقم الأزمة الاقتصادية، وتزيد من الجريمة، وتزعزع الأمن، وتمنع عودة اللاجئين”.

وأكد الشيباني أن “المجتمع الدولي أمام فرصة تاريخية ليعيد ثقة السوريين فيه، وهي فرصة محدودة زمنياً، آمل أن تُغتنم سريعاً”.

وختم وزير الخارجية السوري كلمته أمام مجلس حقوق الإنسان معرباً عن تطلعه إلى “دعمكم المطلق لوطن حر ينهض من تحت ركام حرب وحشية وقمع مديد، لأحد أكثر الأنظمة السلطوية في تاريخنا الحديث”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى