أخبار سوريا

المعهد الفرنسي للشؤون الدولية: إسرائيل تدفع عمقها الاستراتيجي داخل سوريا

كشف المعهد الفرنسي للشؤون الدولية والاستراتيجية (IRIS) في تقرير تحليلي حديث عن تحولات جيوسياسية كبيرة تشهدها منطقة الشرق الأوسط، لا سيما في لبنان وسوريا، مؤكداً أن إسرائيل تسعى إلى دفع عمقها الاستراتيجي إلى ما وراء حدودها الشمالية، عبر التمركز العسكري والضربات الجوية المتكررة، خاصة بعد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا.

وقال التقرير، الذي ترجمه موقع “لبنان24″، إن المنطقة تمر بمرحلة إعادة تشكيل جيوسياسي منذ هجوم حركة حماس في السابع من تشرين الأول 2023، ما تسبب في اضطراب استراتيجيات قوى إقليمية عديدة.

سقوط الأسد وتمدد إسرائيل

اعتبر التقرير أن سقوط النظام المخلوع في سوريا، إلى جانب الخسارة العسكرية لـ”حزب الله” في لبنان، شكّلا علامتين فاصلتين في مرحلة جديدة تشهدها المنطقة، عنوانها “إعادة توزيع موازين القوة” لصالح الاحتلال الإسرائيلي.

وأوضح أن تل أبيب تبنّت سياسة توسيع وجودها العسكري المباشر في لبنان وسوريا، لتعزيز أمنها على حساب الدول المجاورة، وبغطاء سياسي أميركي.

وأكد التقرير أن حكومة الاحتلال أعلنت في 8 كانون الأول 2024 إلغاء اتفاق وقف إطلاق النار مع سوريا الموقع عام 1974، والذي أنشأ منطقة منزوعة السلاح في الجولان السوري المحتل، لتبدأ بعد ذلك بالتمركز العسكري داخل هذه المنطقة وتنفيذ غارات متصاعدة استهدفت مواقع عسكرية ومستودعات سلاح تابعة لجيش النظام المخلوع في الجنوب.

وفي 18 آذار 2025، شنت إسرائيل قصفاً مباشراً على قواعد للنظام في درعا قرب الحدود الأردنية، ما أسفر عن مقتل ثلاثة مدنيين، وفق ما ورد في التقرير. واعتبر أن تل أبيب تنتهج نفس الاستراتيجية التي اعتمدتها في جنوبي لبنان، من خلال المطالبة بنزع السلاح الكامل للمنطقة الواقعة جنوب سوريا.

الغطاء الأميركي واستغلال الفوضى السورية

أشار التقرير إلى أن إسرائيل تستفيد من “بيئة جيوسياسية ملائمة”، في ظل إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي يوفر غطاءً سياسياً كاملاً لسياسات الاحتلال التوسعية. ولفت إلى أن هذا الواقع يمنح إسرائيل مساحة واسعة لفرض الأمر الواقع عسكرياً في الأراضي السورية واللبنانية، في وقت تعاني فيه دمشق من انهيار مؤسساتها العسكرية والسياسية.

ويرى المعهد الفرنسي أن ما يجري في سوريا ليس مجرد تطورات ميدانية معزولة، بل تحول استراتيجي في هيكل النفوذ الإقليمي، حيث تسعى إسرائيل إلى فرض معادلة جديدة على حدودها الشمالية عبر السيطرة العسكرية وفرض الشروط السياسية، مستغلة سقوط النظام المخلوع وتفكك الجبهة الداخلية السورية.

وأكد التقرير أن استمرار هذا المسار من دون ردع دولي حقيقي يهدد بسيادة سوريا ويُطيل أمد عدم الاستقرار في جنوبها، مع احتمال تطور الأوضاع إلى مواجهة إقليمية أوسع ما لم يُعد تفعيل الدور الدولي في ضبط قواعد الاشتباك.

فرنسا تحذر من خرق الاتفاقات الدولية

في السياق ذاته، أصدرت وزارة الخارجية الفرنسية بياناً رسمياً حذرت فيه من أي تحرك عسكري إسرائيلي في المنطقة الفاصلة بين الجولان وسوريا، واعتبرته انتهاكاً لاتفاق فك الاشتباك الموقع عام 1974 برعاية الأمم المتحدة.

ودعت باريس منتصف كانون الثاني الماضي، الاحتلال الإسرائيلي إلى الانسحاب الفوري من المنطقة العازلة، مؤكدة ضرورة احترام سيادة سوريا ووحدة أراضيها، كما شددت على أهمية الالتزام باتفاقيات الأمم المتحدة لمنع أي تصعيد قد يهدد الاستقرار الهش في المنطقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى