
أكدت الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، كايا كالاس، أن لا سلام في سوريا دون تعافٍ اقتصادي واستقرار، مؤكدة أن قرار رفع العقوبات “قابل للتراجع عنه ومشروط”.
جاءت تصريحات المفوضة الأوروبية عقب إعلان مجلس الشؤون الخارجية عن رفع جميع العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا، مع إبقاء العقوبات المتعلقة بنظام الرئيس المخلوع، بشار الأسد.
ويشمل رفع العقوبات الأوروبية النظام المصرفي السوري، الذي كان مستبعداً من الأسواق الدولية، ورفع التجميد عن أصول المصرف المركزي السوري،
وفي مؤتمر صحفي عقب الاجتماع، قالت كالاس إنه “قررنا اليوم رفع العقوبات الاقتصادية التي فرضناها على سوريا، ونريد أن نساعد الشعب السوري على بناء سوريا جديدة وشاملة وسلمية”.
وأكدت كالاس أن قرار رفع العقوبات “قابل للتراجع عنه، وهو مشروط أيضاً بالتقدم”، مضيفة أنه “كلنا بحاجة إلى سوريا مستقرة، وبحاجة إلى منح الشعب السوري فرصة”.
“مسار داخلي مستقل” أم “سابق لأوانه”؟
وتعليقاً على ارتباط قرار الاتحاد الأوروبي بقرار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، أكدت كايا كالاس أن قرار رفع العقوبات عن سوريا “هو نتيجة لمسار أوروبي داخلي ومستقل”.
وقالت كالاس إن “عملية إعداد الحزمة الأولى من تخفيف العقوبات عن سوريا بدأت في بداية العام”، مشيرة إلى “العمل على “التفاصيل الفنية” منذ ذلك الحين.
وأقرت المفوّضة الأوروبية بصعوبة اتخاذ القرار، موضحة أن “الأمر في الاتحاد الأوروبي يستغرق وقتاً أطول بكثير، لأننا 27 دولة، ونجري مناقشات مكثفة للغاية”.
في مقابل ذلك، كشف مصدر أوروبي مسؤول لصحيفة “الشرق الأوسط” السعودية أن قرار رفع العقوبات “جاء سابقاً للأوان” الذي كان مدرجاً في الجدول الزمني للاتحاد.
وقالت المصادر إن القرار الذي أعلنه الرئيس الأميركي في الرياض، مطلع الأسبوع الماضي، “كان هو الدافع الأساسي في تعجيل اتخاذ القرار الأوروبي الذي ينتظر أن تبدأ مفاعيله في الأيام القليلة المقبلة”.
وأكد المصدر الأوروبي أن القرار كان أيضاً بتنسيق مع الولايات المتحدة، وأن الاتحاد سيواصل التنسيق مع الإدارة الأميركية لتسهيل إيصال المساعدات إلى سوريا وتمويل المشاريع الإنمائية التي تحتاج إليها القطاعات الحيوية.
الخارجية السورية: عهد جديد يساهم في جذب الاستثمارات
رحّبت وزارة الخارجية والمغتربين في سوريا برفع جميع العقوبات الأوروبية، معتبرةً القرار “يمثل تحولاً جذرياً وبداية لعهد جديد في العلاقات السورية – الأوروبية، يقوم على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة”.
ووصفت الوزارة القرار بأنه “انسجام مع الإطار القانوني الأوروبي القائم على مبدأ سيادة القانون”، مشيرة إلى أن العقوبات “فقدت مبرراتها بعد تحقق أهدافها، مما يفتح الباب أمام تعاون مثمر يدعم استقرار سوريا وحقوق الإنسان فيها”.
وأكدت أن رفع العقوبات سيساهم في إعادة جذب الاستثمارات من السوريين في الخارج، وإتاحة فرص جديدة لبناء شراكات تقوم على الشفافية والثقة، بما يدعم إعادة إعمار البلاد وينشّط التعاون السياسي والأمني مع دول أوروبا.
وأعربت الخارجية السورية استعدادها لبدء مرحلة جديدة من التعاون مع الاتحاد الأوروبي، مؤكدةً أن سوريا بحاجة إلى شراكات حقيقية تتجاوز الدعم الإنساني إلى تعاون اقتصادي وتنموي طويل الأمد.
تأكيد أوروبي على التعافي الاقتصادي والشراكة في النمو
ولقي قرار برفع جميع العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا ترحيباً واسعاً على الصعيد الأوروبي، أكد على أهمية التعافي الاقتصادي والرغبة بالشراكة مع سوريا.
وقال رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي، أنطونيو كوستا، أن قرار رفع العقوبات “يظهر مدى دعم الاتحاد الأوروبي للشعب السوري”، مشيراً إلى أنه أبلغ الرئيس السوري، أحمد الشرع، بالتزام الاتحاد “بدعم انتقال سلمي بقيادة السوريين للمساعدة ببناء مستقبلهم”.
من جانبها، أكدت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، استعداد أوروبا للعمل “مع سوريا على مسار التعافي”.
وفي تغريدة عبر منصة “إكس”، قالت فون دير لاين “أرحب بقرار رفع العقوبات عن سوريا، ومسار التعافي لا يزال طويلاً، لكن أوروبا مستعدة للعمل مع سوريا على طول هذا المسار”.
وأعربت رئيسة المفوضية الأوروبية عن رغبة الأوروبية بأن يكونوا شركاء في نمو سوريا إلى جانب حلفائهم في المنطقة وخارجها.
من جهته، شدد وزير الخارجية الألماني، يوهان فاديفول، على رغبة الاتحاد الأوروبي ببداية جديدة مع سوريا، مؤكداً على أهمية “سوريا الموحدة”.
وقال الوزير الألماني إنه “بهذه الخطوة سنمنح الحكومة السورية فرصة ونتوقع منها سياسة شاملة داخل البلاد”، مضيفاً أنه “لطالما كانت سوريا بلداً متنوعاً ومن المهم بالنسبة لنا أن تتمكن سوريا الموحدة من أخذ مستقبلها بيدها”.
كما رحب وزير الخارجية النرويجي، إسبن بارث إيدي، بقرار رفع العقوبات الأوروبية “كخطوة لطالما دعمتها النرويج”، مشيراً على ضرورة “منح فرصة للحكومة الجديدة وللسوريين من أجل بناء بلدهم”.
ترحيب عربي تركي أممي
ورحب مجلس التعاون لدول الخليج العربي، وتركيا، والمبعوث الأممي بقرار الاتحاد الأوروبي رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا.
وأعرب الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، جاسم محمد البديوي، أن القرار “يمثل خطوة جوهرية نحو رفع المعاناة المتفاقمة عن الشعب السوري الشقيق”، مؤكداً أن “يفتح آفاقاً جديدة لبدء مرحلة من التعافي وإعادة البناء، تقود إلى ترسيخ الأمن والاستقرار، وتحقيق مستقبل مزدهر للجمهورية العربية السورية وشعبها الكريم”.
ورحبت تركيا بالقرار الأوروبي برفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا، مشددة على الأهمية الكبيرة لهذه الخطوة في دعم مسار التعافي الاقتصادي بسوريا.
وقال نائب الرئيس التركي، جودت يلماز، إن القرارات التي اتخذتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي برفع العقوبات عن سوريا هي “خطوات إيجابية للغاية”.
واعتبر يلماز أن استمرار هذه العقوبات التي فرضت في السابق على نظام الأسد “سيتحول إلى عقاب للشعب السوري البريء وعائق أمام عملية إعادة إعمار سوريا”، مؤكداً استمرار تركيا، دعم استقرار الشعب السوري وازدهاره.
أممياً، رحّب مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا، غير بيدرسن، بإعلان الاتحاد الأوروبي رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا في قطاعات رئيسية مثل الطاقة والمصارف.
وفي منشور عبر منصة “إكس”، أعرب المبعوث الأممي عن تقديره لتحرك الاتحاد الأوروبي السريع وفقاً للخطوات السابقة، مؤكداً أهمية القرار الذي اتخذه الاتحاد في دعم الشعب السوري في سعيه لبناء مستقبل شامل وسلمي وعادل.