
أكدت فرنسا على التزامها بالمساعدة في دعم تعافي سوريا وتسهيل إعادة دمجها في المجتمع الدولي، مطالبة الحكومة السورية باستعادة السلم الأهلي ووضع حد للعنف وبناء المؤسسات السياسية الشاملة.
وفي كلمة خلال اجتماع مجلس الأمن الدولي بشأن سوريا، أمس الأربعاء، قال نائب الممثل الدائم لفرنسا لدى الأمم المتحدة، جاي دارماديكاري، إن فرنسا ملتزمة بدعم الشعب السوري، مشيراً إلى أهمية “ألا تخيب الآمال الكبيرة” التي عُقدت منذ سقوط نظام الرئيس المخلوع، بشار الأسد.
وأكد دارماديكاري أن الاستقرار الاقتصادي شرط أساسي لتحقيق سلام دائم في سوريا، مشيراً إلى إعلان الاتحاد الأوروبي رفع العقوبات الاقتصادية عن دمشق، لتشجيع التعافي الاقتصادي وتهيئة الظروف لعودة اللاجئين “الآمنة والطوعية والمستدامة”، كما رحّب بإعلان الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، في الرياض، عن خطوات مماثلة.
ورحب بالاستعداد الذي أبدته السلطات السورية لإعادة التواصل مع بقية دول العالم، مشيراً إلى أنه تقع على عاتق جيران سوريا مسؤولية خاصة لمساعدتها على الوفاء بالتزاماتها، بما في ذلك عدم تهديد جيرانها.
وطالب دارماديكاري إسرائيل إلى عدم اتخاذ أي إجراء أحادي من شأنه أن يُفاقم التوترات المجتمعية في سوريا، أو يُعقّد عملية الانتقال السياسي، داعية دولة الاحتلال إلى إنهاء أنشطتها العسكرية على الأراضي السورية والانسحاب من المنطقة العازلة، ومطالبة الجانبين بمراعاة المخاوف الأمنية لكل منهما.
وأشار السفير الفرنسي إلى أن بلاده تعتزم مواصلة جهودها التيسيرية والمساهمة في حل النزاعات الحدودية بين سوريا ولبنان.
تحذير من العنف الطائفي.. ودعوة للمصالحة
وأعرب الدبلوماسي الفرنسي عن قلق بلاده من عودة العنف الطائفي، على خلفية التوترات الأخيرة في السويداء والساحل السوري، مؤكداً أن على السلطات السورية أن تبذل كل ما في وسعها لاستعادة السلم الأهلي، ووضع حد للعنف.
وقال دارماديكاري إن “تطبيق مبدأ المساءلة يجب أن يكون بمثابة خارطة طريق للسلطات الانتقالية”، مشيراً إلى انتظار نتائج لجنة التحقيق بشأن أحداث الساحل السوري “بآمال كبيرة”.
واعتبر أن “مصداقيتها وحيادها سيكونان ضماناً لالتزام الحكومة الانتقالية بضمان احترام سوريا لجميع مكوناتها”، مضيفاً أنه “على المدى البعيد، يجب إرساء عدالة انتقالية حقيقية، بدعم من الأمم المتحدة”.
وشدد على أن محاسبة المسؤولين عن الجرائم والانتهاكات تمثل ركيزة أساسية في خارطة الطريق للمرحلة الانتقالية، داعياً السلطات السورية إلى “مواصلة البناء على زخم التعاون الذي بدأ مع الأمم المتحدة”.
ورحب الدبلوماسي الفرنسي بمبادرة “حزب العمال الكردستاني” لإلقاء السلاح، معتبراً أنها “فرصة سانحة للحفاظ على وحدة سوريا وسلامة أراضيها”.
مؤسسات سياسية جامعة وإشراك السوريين
وعلى الصعيد السياسي، قال دارماديكاري إن تشكيل الحكومة الانتقالية وإصدار الإعلان الدستوري “يمثلان خطوات مشجعة”، لكن أكد على ضرورة “ترجمة هذه الخطوات إلى مؤسسات سياسية شاملة، خصوصاً في تشكيل المجلس التشريعي المقبل”.
وأكد استعداد فرنسا لدعم بناء مؤسسات الدولة وتعزيز الكفاءات الإدارية، وضمان نجاح عملية الانتقال السياسي، داعياً إلى استمرار وتعميق التعاون بين سوريا والأمم المتحدة.
نجاح مرهون بتلبية التوقعات
وأشار دارماديكاري إلى أن “مستقبل سوريا لا يمكن أن يكون مستقراً دون القضاء الكامل على التهديد الإرهابي”، داعياً السلطات السورية إلى مواصلة العمل بجدية في هذا المجال، والتعاون الكامل مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بشأن تفكيك برنامج الأسلحة الكيميائية.
وفي ختام كلمته، شدد السفير الفرنسي على أن الانتقال السياسي الجاري يمثل فرصة تاريخية لبناء مستقبل أفضل لسوريا وجعلها مركزاً للاستقرار الإقليمي، لكنه أكد في الوقت نفسه على أن نجاح هذا المسار “مرهون بتلبية التوقعات من حيث الشمولية ومكافحة الإرهاب وحماية السكان”.