أخبار سوريا

ناشطون يطلقون حملة شعبية في حمص تندد بأزمة المياه وتطالب بتدخل عاجل

أطلق ناشطون في مدينة حمص وريفها حملة بعنوان “حمص عطشى”، احتجاجاً على استمرار انقطاع مياه الشرب في عدد من الأحياء، وغياب أي حلول عملية من قبل الجهات المعنية، رغم النداءات المتكررة من الأهالي.

ورصد الإعلامي جلال التلاوي في منشور على صفحته الشخصية في “فيسبوك” جانباً من هذه الحملة، مؤكداً أن معاناة السكان تزداد يوماً بعد يوم، وسط غياب الحلول والتنفيذ.

وتصدر حي البياضة، دير بعلبة، ومناطق أخرى قائمة الأحياء التي تعاني من شح المياه، إذ لم تصلها المياه منذ أسابيع بشكل منتظم، ما دفع السكان للاعتماد على حلول بديلة مكلفة.

مطالب بتدخل عاجل

وأشار الأهالي إلى وجود عدد من الآبار في محافظة حمص كانت ملاذاً حيوياً خلال سنوات الحصار والثورة، لكنها لا تزال حتى اليوم خارج الخدمة الفعالة، بسبب غياب الصيانة والدعم، متسائلين: “إذا لم نستطع تأمين دعم لمياه الشرب، فكيف لنا أن نعيد إعمار البلد؟!”

وطالب المواطنون المسؤولين في محافظة حمص والحكومة المركزية في دمشق، إلى جانب جمعيات حمص الخيرية وتجار المدينة في الداخل والخارج، بالتدخل العاجل لإنقاذ السكان من أزمة العطش وتأمين الحد الأدنى من مقومات الحياة.

واختصر الأهالي معاناتهم بقولهم: “كفانا اجتماعات وحلول على الورق، الناس تريد ماءً…”، وهي عبارة تعكس حجم الأزمة التي تواجه آلاف العائلات في حمص.

وعلّق الصحفي أنس أبو عدنان على الوضع بالقول إن الأولوية في حمص ليست ملاحقة الدراجات النارية أو المتسولين، بل تأمين قوت الناس وتوفير الخدمات الأساسية والحاجات اليومية.

أزمة مشابهة في ريف حمص

امتدت أزمة المياه إلى ريف حمص أيضاً، حيث وثّق المكتب الإعلامي في الحولة شكاوى متكررة من انقطاع المياه في عدد من أحياء مدن المنطقة، وسط مطالبات شعبية بتوزيع عادل ومنصف للمياه بين مختلف الأحياء.

وأفاد عدد من السكان أن المياه لا تصل منذ سنوات إلى بعض الأحياء، فيما تُضخ بكميات محدودة إلى أحياء أخرى، لا تكفي لتلبية الحد الأدنى من الاحتياجات، مؤكدين أن تعبئة خزان واحد قد تستغرق ساعات طويلة، في حال توفر الماء أصلاً.

وأوضح الأهالي أن الواقع الحالي دفع كثيراً من العائلات للاعتماد على صهاريج خاصة تُباع بأسعار مرتفعة تتجاوز القدرة الشرائية، ما فاقم الأعباء المعيشية اليومية.

وانتقد الأهالي ضعف الاستجابة من قبل الجهات المعنية، معتبرين أن آلية توزيع الأدوار عبر الشبكة تفتقر إلى العدالة والفعالية، وتُبقي أحياءً كاملة خارج خطة الضخ.

تحديات متزايدة في حمص

وفي شهر أيار الماضي، أوضح المدير العام لمؤسسة مياه الشرب والصرف الصحي في حمص، عبد الهادي عودة، أن الواقع المائي في منطقة عين التنور شهد انخفاضاً ملحوظاً في منسوب المياه، الأمر الذي انعكس سلباً على كميات الضخ المتوفرة.

وأشار عودة إلى أن الضخ سيشمل عدداً من أحياء مدينة حمص تدريجياً، مبيّناً أن سبب التراجع في الواردات المائية يعود إلى الظروف المناخية الراهنة وقلة الأمطار، ما أثّر بشكل مباشر على غزارة مياه عين التنور.

وأشارت المحافظة في الشهر نفسه إلى أن مؤسسة مياه حمص تواصل العمل على تأهيل مصادر بديلة لتأمين المياه، حيث بدأت أعمال إعادة تأهيل آبار دحيريج في منطقة القصير، والتي تضم تسعة آبار، تم تشغيل ثمانية منها.

وأوضحت أنه في إطار السعي لتعويض النقص الحاصل في مياه نبع عين التنور، وضعت المؤسسة مخططاً لحفر آبار جديدة، إذ توجد حالياً 51 بئراً في عدة مناطق، تم تجهيز 12 منها.

وبحسب المحافظة، خصص محافظ حمص الدكتور عبد الرحمن الأعمى جزءاً من موازنة المحافظة لإعادة تأهيل مجموعة من الآبار الإضافية ضمن المحافظة، لكن ما تزال الحاجة قائمة إلى حلول استراتيجية بعيدة المدى، حيث أشار معاون مدير مؤسسة المياه، المهندس عمر شمسيني، إلى دراسة مشروع حيوي لتغذية محافظتي حمص وحماة بالمياه من أعالي نهر العاصي، موضحاً أن تكلفة المشروع تُقدّر بنحو 20 مليون دولار، ما قد يشكل عائقاً أمام سرعة تنفيذه.

أزمة المياه في سوريا

تشكل أزمة المياه في سوريا واحدة من أبرز التحديات الخدمية التي تواجه السكان في مختلف المحافظات، حيث لا تقتصر المعاناة على مدينة حمص وريفها، بل تمتد إلى مدن وبلدات عديدة في الشمال والجنوب والشرق والمناطق الساحلية والداخلية على حد سواء.

ويعود تفاقم هذه الأزمة إلى عوامل مناخية وبيئية معقدة، يأتي في مقدمتها تراجع كميات الهطول المطري خلال السنوات الأخيرة، وازدياد فترات الجفاف، ما أدى إلى انخفاض منسوب المياه في الأنهار والسدود، وتراجع الموارد المائية السطحية.

كما أسهم الاستنزاف المفرط للمياه الجوفية، وعدم وجود سياسات فعالة لإعادة تغذية الأحواض، في تفاقم العجز، إلى جانب إهمال صيانة شبكات المياه من قبل نظام الأسد المخلوع، وغياب الاستثمار في البنية التحتية المائية، ما جعل كثيراً من المناطق عرضة لانقطاعات متكررة دون حلول دائمة.

وفي ظل هذا الواقع، يضطر مئات الآلاف من المواطنين إلى شراء المياه من مصادر خاصة أو الاعتماد على صهاريج متنقلة، ما يشكل عبئاً اقتصادياً كبيراً، خاصة على الأسر محدودة الدخل، ويُهدد في الوقت نفسه بمزيد من التفاوت في التوزيع والوصول إلى الخدمات الأساسية.

وتبرز الحاجة اليوم إلى وضع استراتيجية وطنية شاملة لإدارة الموارد المائية في سوريا، تأخذ بعين الاعتبار التغيرات المناخية، وتدعم حلولاً مستدامة تشمل إعادة تأهيل الآبار، وتوسيع محطات الضخ، وضمان عدالة التوزيع، بما يضمن حق السكان في الحصول على مياه نظيفة وآمنة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى