تصدر محكمة التمييز، وهي أعلى هيئة قضائية في فرنسا، يوم الجمعة المقبل، قرارها بشأن تأييد أو إلغاء مذكرة التوقيف الصادرة بحق رئيس النظام المخلوع بشار الأسد، على خلفية اتهامه بشن هجمات كيميائية في عام 2013 أودت بحياة أكثر من ألف شخص.
ومن المقرر أن تُعقد جلسة استماع علنية، وتُبث مباشرة عبر الإنترنت، حيث ستُحدّد المحكمة الاستثناءات المحتملة من الحصانات التي يتمتع بها المسؤولون الأجانب المتهمون بارتكاب جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية.
وكان قاضيان في باريس قد أصدرا في تشرين الثاني 2023 مذكرة توقيف بحق بشار الأسد، بتهمة التواطؤ في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، إثر هجمات كيميائية نفذتها قواته خلال فترة حكمه.
ووقعت تلك الهجمات في 4 و5 آب 2013 في عدرا ودوما في ريف دمشق، وأسفرت عن إصابة 450 شخصاً، إضافة إلى الهجوم في الغوطة الشرقية في 21 من الشهر ذاته، والذي أدى إلى مقتل أكثر من ألف شخص بغاز السارين، بحسب الاستخبارات الأميركية
وفي حزيران 2024، أيدت محكمة الاستئناف في باريس مذكرة التوقيف. وقدمت النيابة الوطنية لمكافحة الإرهاب، ثم النيابة العامة الاستئنافية، طلبات استئناف مستندة إلى الحصانة المطلقة التي يتمتع بها رؤساء الدول ورؤساء الحكومات ووزراء الخارجية في أثناء توليهم مناصبهم أمام المحاكم الأجنبية.
وخلال جلسة استماع عُقدت في 4 من تموز، اقترح المدعي العام لدى محكمة التمييز، ريمي هيتز، الإبقاء على مذكرة التوقيف. وكان قد طعن سابقاً في قرار محكمة الاستئناف، التي رأت أن هذه الجرائم “لا يمكن اعتبارها جزءاً من الواجبات الرسمية لرئيس الدولة”، واعتبرت أن “الحصانة الشخصية كانت قائمة” استناداً إلى قرار صادر عن محكمة العدل الدولية عام 2002.
ولكن النائب العام اقترح لاحقاً على المحكمة “مساراً ثالثاً”، مستبعداً حصانة بشار الأسد الشخصية، على اعتبار أنّه منذ العام 2012 لم تعد فرنسا تعدّه “رئيساً شرعياً للدولة” في ضوء “الجرائم الجماعية التي ارتكبتها السلطات السورية”.
وتغيرت الظروف الجيوسياسية بشكل كبير منذ صدور مذكرة التوقيف، حيث أطيح بالأسد في كانون الأول 2024، وفرّ إلى روسيا.
وفي حال قررت محكمة التمييز إلغاء مذكرة التوقيف، سيكون بإمكان قضاة التحقيق إصدار مذكرة جديدة، لكن الأسد قد يستفيد عندها من الحصانة الوظيفية الممنوحة لممثلي الدول الأجانب عن الأفعال التي ارتُكبت في أثناء تأدية مهامهم.