
أعلنت الحكومة السورية الانسحاب من المفاوضات مع “قوات سوريا الديمقراطية – قسد”، التي كان من المقرر أن تستضيفها العاصمة الفرنسية باريس، وذلك رداً على المؤتمر الذي نظمته الأخيرة في الحسكة، يوم أمس الجمعة.ونقلت وكالة الأنباء السورية “سانا” عن مصدر حكومي قوله إن الحكومة تعتبر أن مؤتمر الحسكة “شكّل ضربة لجهود التفاوض الجارية، وبناءً على ذلك فإنها لن تشارك في أي اجتماعات مقررة في باريس، ولن تجلس على طاولة التفاوض مع أي طرف يسعى لإحياء عهد النظام المخلوع تحت أي مسمى أو غطاء”.ودعا المصدر “قسد” إلى الانخراط الجاد في تنفيذ اتفاق 10 آذار، كما طالب الوسطاء الدوليين بنقل جميع المفاوضات إلى دمشق باعتبارها العنوان الشرعي والوطني للحوار بين السوريين.أكد المصدر أن الحكومة السورية تقر بحق المواطنين في التجمع السلمي والحوار البنّاء، سواء على مستوى مناطقهم أو على المستوى الوطني، مضيفاً: “هو حق مصون تضمنه الدولة وتشجع عليه، شريطة أن يكون في إطار المشروع الوطني الجامع الذي يلتف حول وحدة سوريا أرضاً وشعباً وسيادة”.وأشار إلى أن الحكومة تؤكد أن للمجموعات الدينية أو القومية كامل الحق في التعبير عن رؤاها السياسية وعقد اجتماعاتها وتأسيس أحزابها ضمن الأطر القانونية الوطنية، شريطة أن يكون نشاطها سلمياً، وألا تحمل السلاح في مواجهة الدولة، وألا تفرض رؤيتها على شكل الدولة السورية.وشدد على أن شكل الدولة لا يُحسم عبر تفاهمات فئوية، بل عبر دستور دائم يُقرّ بالاستفتاء الشعبي، بما يضمن مشاركة جميع المواطنين على قدم المساواة، ويحق لأي مواطن طرح رؤاه حول الدولة، مؤكداً أن ذلك يتم عبر الحوار العام وصناديق الاقتراع، لا عبر التهديد أو القوة المسلحة.اعتبر المصدر أن ما جرى في الحسكة “لا يمثل إطاراً وطنياً جامعاً، بل تحالف هشّ يضم أطرافاً متضررة من انتصار الشعب السوري وسقوط عهد النظام المخلوع، وبعض الجهات التي احتكرت أو تحاول احتكار تمثيل مكونات سوريا بقوة الأمر الواقع، وبالاستناد إلى دعم خارجي”.
وأضاف أن هذه الأطراف والجهات “تلجأ لمثل هذه المؤتمرات هروباً من استحقاقات المستقبل، وتنكراً لثوابت الدولة السورية القائمة على جيش واحد، حكومة واحدة، وبلد واحد”.
وأعرب المصدر عن إدانة الحكومة السورية لاستضافة “شخصيات انفصالية ومتورطة في أعمال عدائية”، معتبراً أن ذلك يمثل خرقاً واضحاً لاتفاق 10 آذار، وحمّل “قسد” وقيادتها المسؤولية الكاملة عن تداعياته.
وقال: “تعتبر الحكومة أن هذا المؤتمر محاولة لتدويل الشأن السوري، واستجلاب التدخلات الأجنبية، وإعادة فرض العقوبات، وهو ما تتحمل قسد تبعاته القانونية والسياسية والتاريخية”.
كما اعتبر أن المؤتمر “شكّل محاولة لعرض طروحات تتعارض مع اتفاق 10 آذار، سواء بالدعوة إلى تشكيل نواة جيش وطني جديد، أو إعادة النظر في الإعلان الدستوري، أو تعديل التقسيمات الإدارية، رغم أن الاتفاق نص بوضوح على دمج جميع المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرقي سوريا ضمن مؤسسات الدولة، وضمان الحقوق على أساس الكفاءة لا الانتماء”.
تهرّب من الاستحقاقات الوطنية
قال المصدر إن المؤتمر يمثل خرقاً للاستحقاقات التي باشرت الحكومة السورية تنفيذها، بما في ذلك تشكيل هيئة العدالة الانتقالية وبدء أعمالها، و”مسار الحوار الوطني الذي أطلقته الحكومة في شباط الماضي والمستمر حتى إيصال البلاد إلى بر الأمان”.
وأردف: “المؤتمر يمثّل تهرّباً من تنفيذ استحقاقات وقف إطلاق النار ودمج المؤسسات، واستمراراً في خرق الاتفاق، وهو في الوقت ذاته غطاء لسياسات التغيير الديمغرافي الممنهج ضد العرب السوريين، تنفذها تيارات كردية متطرفة تتلقى تعليماتها من قنديل”.
ومضى بالقول: “إذ تستعيد هذه الخطوة نهج المؤتمرات التي سعت لتقسيم سوريا قبل الاستقلال، فإن الحكومة السورية تؤكد أن الشعب السوري، الذي أفشل تلك المخططات وأقام دولة الاستقلال، سيفشل اليوم هذه المشاريع مجدداً، ماضياً بثقة نحو بناء الجمهورية الثانية”.