كيسنجر يطلق الرعب ويتوقع حدثاً كبيراً سيحدث قريباً.. هل يصيب؟
تغير موقف هنري كيسنجر مستشار الأمن القومي ووزير الخارجية الأميركي الأسبق من الحرب الروسية في أوكرانيا، بصورة كبيرة، منذ بدء المعارك في 24 فبراير/شباط الماضي.
وفي ندوة بمجلس العلاقات الخارجية، أشار كيسنجر (99 عاما) -في حديث مع رئيس المجلس ريتشارد هاس- إلى أن “روسيا، بطريقة ما، خسرت الحرب بالفعل في أوكرانيا”.
كما انتقد ما سماه شيطنة أميركا والغرب للرئيس فلاديمير بوتين، وعدّها عملا غير سياسي، ودليلا على غياب السياسة.
وندد كيسنجر بشخصنة الصراع مع روسيا واختزاله في شخص الرئيس الروسي معتبرا أن هذا ليس عملا حكيما، شأنه شأن محاولات الولايات المتحدة ضم أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو).
يٌذكر أنه بعد انضمام جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك ومقاطعتي خيرسون وزاباروجيا إلى روسيا الجمعة الماضية إثر استفتاءات اعتبرتها كييف والغرب “صورية” قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن بلاده ستتقدم بطلب للانضمام إلى الناتو بشكل عاجل.
وفي تلك الندوة التي عقدت افتراضيا، قال كيسنجر إن غزو روسيا لأوكرانيا أظهر أن “قدرة موسكو على التهديد باكتساح أوروبا بالأسلحة التقليدية قد تم التغلب عليها الآن بشكل واضح”.
وأضاف كيسنجر أن السؤال الهام الآن “ما علاقة روسيا مع أوروبا في المستقبل؟” منوها إلى أنه نهاية المطاف يجب أن يبدأ الحوار بين الغرب وروسيا.
وقال إننا نحتاج بشدة “بعض الحوار” ربما على مستوى غير رسمي، وربما بطريقة استكشافية “لأن ذلك مهم جدا، خاصة أننا في بيئة نووية يكون فيها الحوار أفضل بكثير من قرارات ساحة المعركة”.
ويمثل موقف كيسنجر هذا تغيرا كبيرا خاصة بعدما اقترح قبل عدة أشهر تنازل أوكرانيا عن بعض أراضيها لروسيا للمساعدة في إنهاء الغزو، وهو ما سبب حرجا كبيرا له حيث هاجمه الكثير من المسؤولين والخبراء بواشنطن وعواصم أوروبية على رأسها كييف.
وكان الوزير الأسبق قد حث الولايات المتحدة والغرب، أثناء مشاركته بالمنتدى الاقتصادي العالمي بدافوس في مايو/أيار، على عدم السعي لهزيمة محرجة لروسيا في أوكرانيا، محذرا من أن ذلك قد ينعكس سلبا على استقرار أوروبا على المدى الطويل.
ويستبعد كيسنجر أن تتم العودة لحدود ما قبل الغزو الروسي لأوكرانيا، في الوقت ذاته أكد زيلينسكي أن جزءا من شروطه للدخول في محادثات سلام مع روسيا سيشمل استعادة حدود ما قبل الحرب.
ومنذ اندلاع المعارك قبل أكثر من 7 أشهر، كرر كيسنجر دعوته للدول الغربية بأن تتذكر أهمية روسيا بالنسبة للقارة العجوز، وأن يضغط الغرب لإجبار كييف على قبول المفاوضات مع موسكو.
مواجهة غير مفيدة
كما طرح مستشار الأمن القومي الأميركي الأسبق تصورا عاما قبل عقد من الزمان محذرا من الانزلاق لمواجهة غير مفيدة مع روسيا، وإمكانية تجنب أي صراع حول أوكرانيا أو فيها.
وكتب كيسنجر عقب ضمّ روسيا لشبه جزيرة القرم عام 2014 مطالبا إدارة الرئيس باراك أوباما بضبط النفس.
ويرى كيسنجر أن أيا من هذه الحقائق لم يتغير لدى واشنطن على مدار السنوات الأخيرة أو بسبب التطورات الجارية، حيث إن مخاطر التصعيد ضد موسكو لا تزال مرتفعة جدا رغم عدم أهمية أوكرانيا إستراتيجيا للمصالح الأميركية.
وأقر بأن مهارات السياسة الحقيقية تظهر في كيفية إنهاء الحروب وليس في إشعالها، قائلا “إذا كان لأوكرانيا أن تبقى على قيد الحياة وتزدهر، فيجب ألا تكون موقعا متقدما لأي من الجانبين ضد الآخر (الغرب أو روسيا) بل يجب أن تعمل كجسر بينهما”.
واختتم وزير الخارجية الأميركي الأسبق بقوله “يتعين على الغرب أن يدرك أن أوكرانيا في نظر روسيا لا يمكن أبدا أن تكون مجرد دولة أجنبية عادية”.
المصدر : الجزيرة