روسيا تعطي أمراً للعسكر بالانسحاب بشكل فوري من منطقة استراتيجية كبيرة
أمر وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، الأربعاء، قواته بالانسحاب من مدينة خيرسون في جنوب أوكرانيا، واتخاذ مواقع دفاعية على الضفة المقابلة من نهر دنيبرو.
وقال القائد العام للقوات الروسية، الجنرال سيرغي سوروفكين، إنه “لم يعد من الممكن توصيل الإمدادات إلى مدينة خيرسون”، لافتا إلى أنه اقترح “إقامة خطوط دفاعية على الضفة الشرقية للنهر”.
ويمثل ذلك القرار واحدة من أكبر عمليات الانسحاب الروسية، وربما يشكل نقطة تحول في الحرب التي تقترب الآن من نهاية شهرها التاسع.. فماذا يحدث في خيرسون؟
خيرسون تعتبر الأكثر أهمية من الناحية الاستراتيجية من بين المناطق التي ضمتها موسكو، إذ تسيطر على كل من الطريق البري الوحيد المؤدي إلى شبه جزيرة القرم، التي انضمت إلى روسيا في عام 2014.
قبل أسابيع، قالت السلطات الأوكرانية إن قواتها تحاصر أكثر من ألف جندي روسي في إقليم خيرسون مع اشتداد المعارك.
منذ أيام أعلنت خيرسون، التي كان يقطنها قرابة 300 ألف نسمة قبل الحرب، أنها “بلا تدفئة ولا إضاءة بعد انقطاع الكهرباء والمياه عن المنطقة المحيطة، وتم تهجير السكان”.
انسحاب تكتيكي
الجنرال سوروفكين قال في قرار الانسحاب من خيرسون: “سننقذ أرواح جنودنا والقدرة القتالية لوحداتنا. إبقاؤهم على الضفة اليمنى (الغربية) بلا جدوى. يمكن استخدام بعضهم على جبهات أخرى”.
ويعلق الباحث العسكري الروسي، ألكسندر أرتاماتوف، على هذه الخطوة، بالقول، خلال تصريحات لموقع “سكاي نيوز عربية”:
انسحاب القوات شيء متوقع ومدروس، حتى لا يقعوا في فخ أوكرانيا.
بالنظر لخريطة العمليات الأوكرانية الأخيرة، فقد كانت تعمل وفق استراتيجية قطع الإمدادات الرئيسية عن القوات الروسية، وهذا تمت الإشارة له منذ أسابيع.
الانسحاب تكتيكي لوقف نزيف قوة النيران المهدرة للحماية على الجانب الثاني للنهر، بخلاف أن كييف ستطمع وتدخل تلك المنطقة، وعسكريا ستكون قواتها أمام المدفعية الروسية.
الدوافع
ولمزيد من الإيضاح، يمكن التركيز على الخطوات التالية التي قامت بها القوات الأوكرانية، والتي دفعت قوات روسيا للانسحاب:
قصف جسر أنتونوفسكي عبر نهر دنيبرو لقطع جزء من المدينة من اتجاه اليوشيكي.
جسر أنتونوفسكي هو عبارة عن عبور للمشاة بالسيارة عبر نهر دنيبرو، يربط خيرسون بالضفة اليسرى، على وجه الخصوص، مع مدينة أليوشكي، وتلك النقطة استراتيجية أيضا على النهر للإمدادات.
القوات الروسية تستخدم نيران المدفعية على طول نهر إنجوليتس، أحد روافد نهر دنيبرو لحماية القوات التي انسحبت بالفعل ظهر اليوم.
نهر دنيبرو كلمة السر الرئيسية في المعارك، فهو على طول 2290 كلم، و”شريان حياة” لأوكرانيا، حيث يؤمن 10 بالمئة من توليد الكهرباء.
جاء قرار سحب القوات من خيرسون أيضا لأنه في حال استمرار قصف القوات المسلحة الأوكرانية لسد كاخوفكا، يمكن عزل القوات الروسية بشكل سريع.
سوروفكين اعترف بأن خيرسون والمناطق المجاورة لها، لا يمكن التواجد فيها وتشغيلها بسبب القصف “العشوائي” الهائل للقوات المسلحة لأوكرانيا.
“فرار وليس انسحاب”
أما من وجهة النظر الأوكرانية، فإن انسحاب موسكو يعد “دليلا على تلقيها خسائر فادحة”، وهذا ما أكده الخبير الأوكراني بالعلاقات الدولية، قسطنطين جريدين.
وقال الخبير لموقع “سكاي نيوز عربية”:
روسيا تعاني منذ أسابيع في خيرسون، نتيجة الهجمات المضادة المستمرة من جانب قوات أوكرانيا.
هذا ليس انسحابا تكتيكيا، بل لوقف نزيف موسكو في تلك النقطة، خاصة أن كييف تحقق بالفعل انتصارات على الأرض وتعمل الآن على تضييق الخناق على الروس في خيرسون.
قوات كييف شنت هجمات على خيرسون، الأربعاء، من 3 جهات في وقت واحد، سبقها ما يقرب من 12 محاولة تم صدها من جانب روسيا.
هذه الجبهات شملت:
جبهة نيكولاييف إلى خيرسون.
جبهة برافدينو إلى سنيجيريفكا بمنطقة نيكولاييف.
جبهة دودشان على طول الخزان إلى منطقة ميلوفوي.