
عثر الدفاع المدني السوري على بقايا متفحمة لما لا يقل عن 26 جثة داخل مقبرة جماعية في قبوين منفصلين بمنطقة سبينة بريف دمشق، تضم رجالاً ونساءً وأطفالاً تحمل آثار جروح ناجمة عن طلقات نارية وحروق.
واستخرجت كوادر للدفاع المدني بقايا هياكل عظمية مجزأة ومتآكلة ومتفحمة من قبو عقارين في بلدة سبينة، وقاموا بتوثيق البقايا وترميزها قبل وضعها في أكياس الجثث، وتم نقلها بعد ذلك لتحديد هوية أصحابها، وفق ما نقلت وكالة “أسوشيتد برس”.
وقال عبد الرحمن المواس، أحد أفراد فرق الدفاع المدني، إنه منذ 28 تشرين الثاني، اكتشف فريق الخوذ البيضاء أكثر من 780 جثة، معظمها مجهولة الهوية، مضيفاً أن العديد منها عُثر عليها في قبور اكتشفها السكان المحليون أو حفرتها الحيوانات.
وأشار المواس إلى أنه يتم نقل الجثث إلى أطباء الطب الشرعي لتحديد هويات أصحابها ووقت الوفاة وسبب الوفاة، وكذلك مطابقتها مع أفراد الأسر المحتملين، مشيراً إلى أن هذا الأمر يتطلب سنوات من العمل.
الجثث موجودة منذ 2016
وقال محمد الحرفي، أحد سكان المبنيين اللذين تم العثور فيها على المقبرة، إن رائحة الجثث المتحللة كانت منتشرة في البناء عندما عادت عائلته إلى منزلها في سبينة في العام 2016، بعد فرارها من المنطقة بسبب القتال.
وذكر الحرفي أنهم عثروا على الجثث في الطابق السفلي للبناء، لكنهم اختاروا عدم الإبلاغ عن ذلك خوفاً من انتقام نظام الأسد، موضحاً “لم نتمكن من إخبار النظام بذلك، لأننا نعلم أنه هو من فعل ذلك”.
وقال عمار السلمو، أحد أفراد الدفاع المدني إن هناك حاجة إلى مزيد من التحقيقات لتحديد هوية الضحايا، مشيراً إلى أنه “نحن بحاجة إلى شهادات من السكان وغيرهم ممن قد يعرفون من بقوا عندما اشتد القتال في عام 2013”.
وقال محمد شبات، وهو أحد سكان المبنيين اللذين عُثر فيهما على المقبرة، إنه غادر الحي في العام 2012 وعاد في العام 2020، حيث اكتشف حينئذ مع جيرانه الجثث وطالبوا بإزالتها، لكن لم يستجب أو يتعاون أحد معهم في ذلك.
ووفق شبات، فإن الضحايا في المقبرة كانوا من المدنيين الذين فروا من حي العسالي القريب عندما تصاعد القتال، وفرض نظام الأسد حصاراً على المنطقة في عام 2013.
وأكد شبات أن قوات نظام الأسد كانت “تحاصر الناس في الأقبية وتحرقهم بالإطارات وتترك جثثهم”، مشدداً على أن “هناك العديد من الأقبية مثل هذا، مملوءة بالهياكل العظمية”.
وأمس الثلاثاء، أصدرت لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا تقريراً أكدت فيه أن نظام الرئيس المخلوع، بشار الأسد، مارس أسوأ الانتهاكات المنهجية للقانون الدولي والجرائم ضد الإنسانية عبر الاعتقال التعسفي والتعذيب والاختفاء القسري.
وفي تقريرها، شددت اللجنة على أن “معاناة عشرات الآلاف من العائلات التي لم تعثر على أقاربها المفقودين بين السجناء المفرج عنهم ما تزال مستمرة”، مؤكدة أن “اكتشاف مقابر جماعية إضافية دفع العديد من العائلات إلى استنتاج الأسوأ”.
وسلطت لجنة التحقيق الدولية الضوء على الحاجة الملحة إلى اتخاذ إجراءات حاسمة لحماية الأدلة والمحفوظات ومواقع الجرائم، بما في ذلك المقابر الجماعية، إلى أن يتمكن الخبراء من الكشف عليها وإجراء عمليات استخراج الرفات للقيام بفحوصات الطب الشرعي عند الحاجة.