
قال رئيس لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن بسوريا، باولو بينيرو، إن المجتمع الدولي لا يمكنه أن يقف مكتوف الأيدي بينما يخرج السوريون من عقود من القمع، مشدداً على أن الوقت قد حان لاتخاذ إجراءات ملموسة لمساعدة، أو على الأقل الامتناع عن عرقلة، العملية الانتقالية في سوريا وإنهاء العقوبات.
جاء ذلك في بيان أصدره بينيرو، أمس الأربعاء، في ختام زيارة أجرتها اللجنة إلى دمشق، التقت خلالها مع وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، وممثلين آخرين من الحكومة السورية، بالإضافة إلى جمعيات الضحايا وعائلاتهم، ومنظمات حقوق الإنسان والمنظمات الإنسانية، والمحامين، وممثلين عن السلك الدبلوماسي.
وأعرب بينيرو عن سرور اللجنة باستمرار تواصلها مع السلطات السورية، ومناقشة قضايا حقوق الإنسان “بطريقة منفتحة وشفافة”.
العقوبات تعرقل إعادة الإعمار
وقال البيان، إن اللجنة شهدت خلال زيارتها الدمار الذي خلّفه الصراع المستمر منذ 13 عاماً في حرستا ودوما والزبداني وداريا ومواقع أخرى في ريف دمشق، مما سلّط الضوء على الوضع الإنساني والاقتصادي المتردي.
وأشارت اللجنة إلى أن 90 % من السوريين يعيشون على أقل من دولارين يومياً، مؤكدة أن العقوبات القطاعية المفروضة على الحكومة السابقة رداً على فظائعها الجماعية تعرقل الآن جهود السوريين لإعادة إعمار بلدهم.
وقال عضو لجنة التحقيق الدولية، هاني مجلي، “التقينا بالفاعلين في المجال الإنساني الذين شرحوا لنا كيف أن العقوبات لا تعيق فقط إيصال المساعدات والاستثمار، بل حتى التحويلات المالية من السوريين الأفراد الذين يتوقون إلى إعادة بناء منازلهم وحياتهم”.
وأكد مجلي أن “القرار الأخير الذي اتخذه الاتحاد الأوروبي بتعليق مجموعة من العقوبات هو خطوة إيجابية يجب أن تدفع إلى مزيد من المراجعات لهذه العقوبات”، مضيفاً أن “تعليق أو إنهاء العقوبات القطاعية أصبح أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى”.
وشدد عضو لجنة التحقيق المستقلة على أن “اليأس الاقتصادي يغذي العنف، وملايين السوريين الآن بدون وظائف وبدون رواتب، في الوقت الذي تتطلع فيه البلاد إلى بناء مستقبل أكثر إشراقاً”.
مهمة لجنة تقصي الحقائق السورية حاسمة في محاسبة مرتكبي الانتهاكات
وقالت لجنة التحقيق المستقلة إن زيارتها إلى سوريا تأتي بعد أسبوعين من مقتل وإصابة مئات المدنيين في أحداث الساحل السوري، والتي تحقق فيها اللجنة حالياً.
وأعربت اللجنة عن سرورها بلقاء لجنة تقصي الحقائق السورية، التي أنشأتها الحكومة السورية للنظر في هذه الأحداث، وتبادل الخبرات معها حول الممارسات الجيدة للتحقيقات المستقلة.
وقال مجلي إن “التزام أعضاء لجنة التحقيق الوطنية بضمان المساءلة وكشف الحقيقة بنزاهة وبناء الثقة أمرٌ مُطمئن، داعياً اللجنة إلى “العمل بأقصى قدر ممكن من الشفافية ونشر نتائجها على الملأ”.
وأضاف مجلي أن مهمة لجنة تقصي الحائق السورية “حاسمة في محاسبة المسؤولين عن تلك الأعمال”، مؤكداً أن “النتائج يمكن أن تكون رادعاً واضحاً لأي تكرار، وخطوة مهمة في إعادة بناء الثقة في دولة تحترم سيادة القانون”.
ارتياح لالتزام الحكومة السورية بحماية حقوق الإنسان
وذكر البيان أن لجنة التحقيق المستقلة دعت الحكومة السورية إلى “دعم المبادرات الشعبية الهادفة إلى استعادة الوئام الاجتماعي في مختلف البلدات والمدن، والاستفادة من ثروة المعرفة والخبرة التي يتمتع بها المجتمع المدني السوري”.
وأعربت اللجنة عن “ارتياحها للالتزام الواضح من وزير الخارجية الشيباني ومسؤولين آخرين ببناء سوريا تحترم حقوق الإنسان لجميع السوريين وتحميها وتحققها، وتعزز العدالة الانتقالية لمعالجة إرث القمع الذي خلفه النظام السابق”.
وأشارت اللجنة إلى أن “جميع السوريين الذين تحدثت إليهم سلطوا الضوء على التحديات الهائلة التي تواجه بلادهم، وعلى عزمهم في معالجتها”.
وقال رئيس لجنة التحقيق الدولية المستقلة إنه “تأثرتُ بجميع السوريين الذين شاركوا قصصهم معنا، إنهم يستحقون كل الدعم الممكن لبناء مستقبل يسوده السلام والكرامة”.