
أكدت منظمة “هيومن رايتس ووتش” أن قوات الاحتلال الإسرائيلي التي تحتل أجزاءً من جنوبي سوريا، منذ كانون الأول/ديسمبر 2024، ارتكبت سلسلة من الانتهاكات الجسيمة بحق المدنيين السوريين، من بينها التهجير القسري وهدم المنازل ومصادرة الممتلكات، وحرمان السكان من سبل العيش، ونقل محتجزين بشكل غير قانوني إلى إسرائيل، وهو ما يرقى إلى جرائم حرب بموجب القانون الدولي.
وشملت الانتهاكات التي وثّقتها المنظمة في تقرير أصدرته، اليوم الأربعاء، الاستيلاء على أراضٍ زراعية وغابات عمرها قرن، وبناء منشآت عسكرية على حساب المدنيين، ومنع السكان من الوصول إلى أراضيهم الزراعية ومراعيهم، وقطع الموارد الأساسية واحتجاز السوريين تعسفياً من دون تهمة.
وأكّدت “هيومن رايتس ووتش” أنّ هذه الإجراءات لم تكن لها أي ضرورة عسكرية ملحة، بل تهدف إلى ترسيخ السيطرة العسكرية الإسرائيلية في المنطقة.
ولفت التقرير إلى أن عدداً من القرى في القنيطرة ودرعا، بما فيها الحميدية وجباتا الخشب، شهدت هدم منازل وإخلاء عائلات قسراً، وتجريف الأراضي الزراعية والغابات، ومنع العودة الفعلية للنازحين، كما وثّقت المنظمة اعتقالات تعسفية لسوريين، بمن فيهم أطفال، ونقلهم إلى إسرائيل من دون تهم واضحة أو محاكمة، مع عزلهم عن العالم الخارجي.
ووثّقت “رايتس ووتش”، من خلال تحليل صور الأقمار الصناعية، تدمير ما لا يقل عن 12 مبنى على بُعد أقلّ من 250 مترًا غرب موقع عسكري إسرائيلي حديث الإنشاء، كما أظهرت الصور توسعًا في تجريف الغابات المحمية وتدمير الأراضي الزراعية على أطراف قرية جباتا الخشب
وقالت هبة زيادين، الباحثة الأولى في شؤون سوريا في “هيومن رايتس ووتش”: “ينبغي ألا تتمتع القوات العسكرية الإسرائيلية بحرية تهجير السكان وهدم المنازل ومصادرة الأراضي (…) هذه الانتهاكات لا تخضع لأي ضرورة عسكرية، وتشكل جزءاً من أساليب القمع التي سبق أن طبقتها إسرائيل في الأراضي المحتلة”.
ودعت “هيومن رايتس ووتش” الحكومات الدولية إلى تعليق أي دعم عسكري لإسرائيل طالما استمرت الانتهاكات، وفرض عقوبات محددة على المسؤولين عنها، ودعم المساءلة عبر آليات مثل المحكمة الجنائية الدولية.
وأكدت المنظمة أن عدم التحرك الدولي يسمح لإسرائيل بمواصلة انتهاكاتها من دون محاسبة، ويقوض حقوق المدنيين السوريين في العودة إلى أراضيهم وممتلكاتهم.
وشدد التقرير على أن الانتهاكات في الجنوب السوري تشمل كل أشكال التهجير القسري والهدم ومصادرة الأراضي وتدمير الأشجار والغابات وحرمان السكان من سبل العيش والاعتقالات التعسفية، بما فيها نقل الأطفال إلى خارج الأراضي المحتلة، وكلها تعد خرقًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف.
ومنذ سقوط نظام بشار الأسد المخلوع، في كانون الأول/ ديسمبر 2024، توغلت إسرائيل في المنطقة المنزوعة السلاح التي تشرف عليها “الأمم المتحدة”، والتي تفصل هضبة الجولان المحتلة منذ 1967 عن الجزء الذي ظل تحت السيطرة السورية من محافظة القنيطرة، وأنشأت بسرعة تسعة مواقع عسكرية تمتد من جبل حرمون مروراً بمدينة القنيطرة ووصولاً إلى أجزاء من غربي درعا.
وكثفت إسرائيل أيضاً ضرباتها الجوية على البنية التحتية العسكرية، واستهدفت هيئة الأركان وسط العاصمة دمشق، وصرّح مسؤولون إسرائيليون مرات عدة أن القوات ستبقى إلى أجل غير مسمى في الأراضي التي استولت عليها مؤخراً.