وصف الأب إبراهيم فلتس، نائب “حارس الأراضي المقدسة”، لقاء قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع مع رؤساء الكنائس المسيحية في سوريا بـ “الممتاز”، مؤكداً عدم وجود تهديد للوجود المسيحي في البلاد.
وفي حديثه من مقر مؤسسة “حراسة الأراضي المقدسة” في البلدة القديمة بالقدس الشرقية المحتلة، أوضح الأب فلتس إلى وكالة (الأناضول) التركية، أن اللقاء الذي جرى في دمشق الأسبوع الماضي استمر قرابة ساعتين ونصف.
وأضاف فلتس أن الشرع استقبل الوفد “بطريقة جيدة جداً”، ووصفه بأنه شخص “ملتزم بكلمته، منفتح، يسعى للتغيير، ويرفض الظلم”. وأشار إلى أن الشرع طلب المساعدة في عودة المسيحيين، معرباً عن استعداد المؤسسة لتقديم الدعم.
وأكد الأب فلتس أن المخاوف المثارة حول مستقبل الوجود المسيحي في سوريا غير مبررة، داعياً لمنح الشرع فرصة لإحداث التغيير. واعتبر الوضع في سوريا “صعباً”، خاصة بعد سقوط نظام البعث الذي حكم البلاد لمدة 61 عاماً، في 8 كانون الأول الماضي.
وأوضح أن الشرع يعتزم إجراء إحصاء سكاني لتحديد عدد المسيحيين، مما يتطلب تأجيل الانتخابات لمدة أربع سنوات، وهو ما اعتبره قراراً صائباً.
“الشرع أمر ببناء أديرة جديدة”
وأشاد الأب فلتس بخطوة الشرع بإعادة المدارس التي أممت عام 1967 إلى الكنائس، ووصف زيارته الأخيرة لسوريا بأنها “الأفضل”، مشيراً إلى غياب الحواجز الأمنية وشعور الناس بالسعادة والارتياح، واعتبر التغيير الذي طرأ على البلاد خلال شهر واحد “إيجابياً”.
وأشار الأب فلتس إلى أنه تم عقد اجتماع خاص مع الرهبان الفرنسيسكان الذين لهم وجود طويل في سوريا، حيث أعرب الشرع عن شكره للخدمات التي يقدمونها، وقال: “طلب منا مواصلة العمل وأعاد إلينا المدارس التي تم تأميمها منذ عام 1967، كما طلب إنشاء مدارس ومستشفيات وعيادات وأديرة جديدة”.
وأضاف: “الشرع إنسان منفتح ويريد التغيير ولا يريد الظلم، وقد شدد على ضرورة الحفاظ على التعددية في سوريا، معتبراً أن البلاد يجب أن تكون حرة وتحتضن جميع مكوناتها، بما في ذلك المسيحيين والدروز وباقي الفئات”.
وأضاف: “لدينا حوالي 5 مدارس ولكن الكنائس الأخرى، وخاصة المؤسسات الكاثوليكية، لديها الكثير من المدارس. لقد تم تأميمها، والآن هو يعيدها للجميع، ونتحدث عن عشرات المدارس”
“الشرع طمأن المسيحيين”
وأكد فلتس على أن الشرع أعطى أجوبة وطمأنهم على الوضع ومستقبل المسيحيين وأنه سيكون هناك تغيير ولن يكون هناك فساد ورشاوى وسجون مثل التي كانت ولم يكن لها أي صلة بالإنسانية.
وأوضح أنه تحدثوا خلال اللقاء عن “تخوفنا بشأن الوجود المسيحي في سوريا، هو (الشرع) يعرف الرهبان الفرنسيسكان بشكل جيد جدا، وشكرنا على الخدمات التي نقدمها (…) وطمأننا على وجود المسيحيين، وطلب أن يواصل الرهبان عملهم”.
وأشار فلتس إلى أنهم طرحوا مخاوفهم من أن يكون هناك حكم إسلامي وألا يكون هناك مكان للمسيحيين وأن يكون هناك تطرف: “تم طرح هذه الأمور وبحثها بكل صراحة، وقلنا إن سوريا يجب أن تكون حرة وأن يكون هناك مكان للجميع، بما في ذلك المسيحيين والدروز وكل فئات الشعب، فهناك تعددية في الشعب السوري”.
وأضاف: “طلبنا منه أن يكون زعيما للجميع وألا يكون زعيما لفئة معينة. هو (الشرع) فهم الرسالة بشكل جيد جداً، وأعتقد أنه بدأ العمل على هذا الأمر، فقد قال إنه يجب أن يكون هناك إحصاء لمعرفة عدد السوريين على أرض سوريا وعدد المهاجرين”.
وتحدث الوفد أيضاً عن هجرة المسيحيين: “الكثيرين هاجروا منذ بداية الحرب (التي شنها نظام بشار الأسد على الثورة) قبل 14 عاماً، ففي حلب وحدها كان عدد المسيحيين قبل الحرب 300 ألف مسيحي والآن لا يزيد عن 20 ألفاً”.
وعقب الشرع على هذه المطالب بالقول: “يا ريت يعود جميع المسيحيين ونحن نحتاجهم”، وأشار فلتس إلى أن الشرع تحدث كثيراً عن البابا فرنسيس (بابا الفاتيكان) ومواقفه وتصريحاته ونداءاته لوقف الحرب.
“يجب أن نساعد الشرع”
ونقل فلتس طمأنينة السوريين حيث قالوا: “لن يكون الوضع أبدا أسوأ مما مضى .. لذلك هاجر الملايين من سوريا إضافة إلى مَن ماتوا واستشهدوا”.
وأكد على ضرورة دعم الشرع في هذه المرحلة: “لازم نتأمل الخير ويكون عندنا أمل وتفاؤل ونساعده (الشرع)، فالضغوطات عليه كبيرة وليست سهلة، وهو يعتمد على كل الدول ولم يتحدث بشكل سيئ عن أي دولة، بل قال إنهم منفتحين على الجميع ويريد عمل سلام وعلاقة طيبة مع الجميع”.
وأضاف: “نحن متواجدون في الشام وحلب وإدلب واللاذقية وفي كل مكان ونساعد ولدينا مشاريع، لم نترك سوريا أبدا، ووجدونا كفرنسيسكان أبقى المسيحيين”.
وعن رأيه بالشرع قال فلتس: “هو أنه إنسان بسيط ومنفتح ويريد التغيير واستقبلنا بطريقة جيدة جداً. تحدث كثيرا عن الفرنسيسكان ويعرف مَن هم، وبالتالي رأيته إنساناً من الممكن أن يعمل الكثير لسوريا. هو إنسان جيد بل جيد جداً، لأنني وجدت فيه إنسانا يريد التغيير وهذه فرصته”.
وأضاف: “أعتقد أنه سيفعل شيئاً، وهذا طبيعي لإنسان وصل إلى ما وصل إليه، فالكل اعترف فيه، فالولايات المتحدة كانت أول مَن ذهب إليه وكل الدول ذهبت إليه. بالنسبة لي كان صادقا في كلامه. في ظل كل مشاغله، وهي كثيرة جداً، جلس مع رؤساء الكنائس أكثر من ساعتين ونصف الساعة، ثم جلس معنا كفرنسيسكان مدة ليست بقليلة”.
وعبر فليتس عن اعتقاده بأن الشرع: “يهمه الوجود المسيحي، فبرنامجه حافل بأناس يأتون إليه من كل العالم، ومع ذلك خصص لنا وقتا جيداً جداً على أساس أن يطمئننا وأن يشكرنا على كل ما قمنا به”.