أخبار سوريا

وول ستريت جورنال: نظام الأسد فصل مئات الأطفال عن ذويهم ووضعهم في المياتم

كشفت صحيفة وول ستريت جورنال في تحقيق موسّع نُشر السبت، أن نظام بشار الأسد المخلوع فصل مئات الأطفال السوريين عن ذويهم قسراً، ووضعهم في مياتم خاضعة لإدارته خلال سنوات الحرب، بهدف استخدامهم كورقة ضغط على معارضيه.

اعتند التحقيق

على وثائق مسرّبة من أجهزة أمن النظام وشهادات لضحايا وناجين من المعتقلات، وأظهر أن ما لا يقل عن 300 طفل نُقلوا إلى دور الأيتام بين عامي 2014 و2018، من بين نحو 3,700 طفل اعتُبروا في عداد المفقودين، بعد أن احتجزوا مع عائلاتهم أو خضعوا لعمليات فصل قسرية في أثناء مداهمات واعتقالات جماعية.

مأساة عائلة ياسين

برزت في التحقيق قصة عائلة ياسين التي اختفت عام 2013، بعد أن اعتقل النظام السابق، الأم رانية العباسي، وهي طبيبة أسنان وبطلة سوريا السابقة في الشطرنج، مع أطفالها الستة من منزلهم في حي دمر بدمشق، وسبق ذلك اعتقال زوجها عبد الرحمن ياسين، الذي قُتل تحت التعذيب لاحقاً وظهر اسمه ضمن صور الضحايا المسرّبة من المعتقلات في العام ذاته.

ظل مصير الأطفال ووالدتهم مجهولاً لأكثر من عقد، قبل أن تشير أدلة جديدة إلى احتمال وجودهم داخل المياتم، حيث استعانت العائلة بتسجيلات قديمة نشرتها دور الرعاية، ولجأت إلى برامج ذكاء اصطناعي لمحاولة التعرف على ملامح الأطفال بعد سنوات من اختفائهم.

شهادات ومؤشرات

أكد فرع منظمة SOS Children’s Villages في سوريا أنها استقبلت 139 طفلاً “دون أوراق رسمية” خلال فترة حكم النظام، مشيرة إلى أنها طالبت بوقف هذه الإحالات منذ عام 2018. وأوضحت أن معظم الأطفال أُعيدوا لاحقاً إلى سلطات النظام، من دون توضيح مصيرهم النهائي.

أظهرت إحدى محاولات التعرف على الأطفال تشابهاً بين فتاة ظهرت في فيديو دعائي وديما، إحدى بنات رانية العباسي، لكن المنظمة أنكرت وجود أي صلة، وفي حالة أخرى، تعرفت العائلة على فتى يُدعى “عمر عبد الرحمن” يشبه ابنهم أحمد، إلا أن اختبار الحمض النووي أثبت أنه ليس هو.

وثائق رسمية وسرية

قال المتحدث باسم وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في دمشق، سعد الجابري، إن الوزارة عثرت على وثائق تؤكد أن الأجهزة الأمنية كانت تنقل أطفال المعتقلين إلى المياتم بقرارات مباشرة، وذكر تحقيق داخلي وثيقة تشير إلى إعادة أطفال العباسي إلى النظام من قبل منظمة SOS، لكن الصحيفة أشارت إلى أن الوثيقة لم تكن على ورق رسمي، والمنظمة رفضت تأكيد صحتها.

وقالت مديرة ميتم “دار الرحمة” في دمشق، براءة الأيوبي، إنها استقبلت نحو 100 طفل من أبناء المعتقلين، لكنها نفت وجود أطفال العباسي بينهم، وأكدت أنها كانت ممنوعة من الكشف عن هويات الأطفال، بأوامر أمنية.

تعقيدات ما بعد الأسد

أقرّ الجابري بوجود صعوبات في كشف مصير الأطفال المفقودين، مشيراً إلى وجود “عدد كبير من المقابر الجماعية”، ما قد يعني أن بعض القصص لن تُعرف نهاياتها.

وفي أيار الماضي، أعلنت الحكومة السورية الجديدة نيتها تشكيل لجان تحقيق لمحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات، وتعويض الضحايا وكشف مصير المفقودين، لكن الواقع السياسي والاقتصادي المنهك يجعل المهمة بطيئة وشاقة.

وحذرت كاثرين بومبرغر، المديرة العامة للجنة الدولية للمفقودين، من أن تجاهل هذا الملف “يُبقي جذور العنف قائمة”، مؤكدة أن العدالة لا تتحقق من دون معرفة مصير المفقودين.

في دمشق، أعادت العمة نائلة فتح منزل العائلة المغلق منذ عام 2013، فوجدت دفاتر الأطفال مكدّسة على الطاولة، ودفتراً كتبت فيه الطفلة نجاح: “سنظل في سوريا حتى ترحل يا بشار”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى